محظرة أهل أحمدو فال في علب آدرس.. ماض تليد وحاضر مجيد /بقلم الدكتور عبدالرحمن الرباني

يوم السبت، 12 شعبان 1444 هـ، الموافق 4 مارس 2023 م، يوم لن يمر -بإذن الله تعالى- رتيبا وباهتا كسابقيه من أيام قريتنا الهادئة الجميلة، قرية علب آدرس الواقعة شرق مدينة أبي تلميت. سيكون سكان القرية مساء هذا اليوم على موعد استثنائي مع تدشين مبنى جديد لواحدة من أعرق وأشهر المحاظر التي عرفتها المنطقة خلال القرنين الأخيرين، إنها محظرة نشر العلم وتجسيد العمل به، محظرة تمثل القيم والأخلاق النبيلة، محظرة التربية والتزكية والإيمان والإحسان، محظرة أهل أحمدو فال علما..
نشأت هذه المحظرة الخالدة في حدود عام 1270 هـ على يد مؤسسها العلامة النحرير والقاضي الشهير لمرابط محمذن فال الملقب يحي ولد أحمدو فال (1250- 1345 هـ). كان ولد أحمدو فال رحمة الله عليه آية في العلم دراية وفهما وعملا وسمتا، شديد الامتثال والاجتناب، بالغ الحلم والحكمة والورع، واسع الكرم والإنفاق، منشغلا بأمور المسلمين، مجدا في القيام بمصالحهم، جلبا لما ينفعهم ودفعا لما يضرهم.. حتى أصبح في كل ذلك مضرب المثل والغاية القصوى..
كان من أخلاقه أن لا يواجه أحدا بما يكره، على سنة ما بال أقوام..! فكان يقول لقومه ولطلاب محظرته من غيرهم:  
وفعل/ وقول ما لا ينبغي لا ينبغي... لتندغ ولا لغير تندغ..
 
وكانت المحظرة تضج بالمئات من هؤلاء وأولئك ومنهم المؤبدون المنقطعون الوافدون من كل فج عميق..

لقد اقتفى أبناء الشيخ بعده آثاره حذو النعل بالنعل فكانوا العلماء الأمناء العاملين والمربين المهديين الصادقين والقادة السادة المخلصين والقضاة العدول المبرزين والحكماء الناصحين المصلحين والأجواد الأسخياء المنفقين..
.
يقول الأديب الشيخ ولد اعلي في بعضهم:
يوم امجي لهل انختير
أحمدو فال أذ يشتد
هذاك اليوم اعلي خير
وابحرت أخير افكل ابلد
محمد الحافظ ول خير
القاضي ول خير أحمد.

وليقس ما قيل على ما لم يقل.. فأبناء لمرابط الآخرون الذي لم يحظ الشيخ بلقائهم وأحفاده من بعدهم وأبناء أحفاده مثل سلفهم الصالح لا يقصرون عن شأوهم في شيء ولا يتأخرون عنهم في منقبة ولا في شميلة.. ساروا على نفس الدرب واستقوا من نفس النبع وامتاحوا على نفس السانية وصدقوا ما عاهدوا الله عليه وما ضعفوا وما استكانوا وما غيروا وما بدلوا تبديلا..
وها هو يومهم مثل أمسهم وسيكون غدهم إن شاء الله مثل ذلك.. كان الله لهم ولعشيرهم ولجميع المسلمين وليا ونصيرا.. ونعم المولى ونعم النصير.

لو سمحت لي الظروف لكنت في الموعد أصالة عن نفسي وإرضاء لطموحي، وصلة للرحم، وقياما بالواجب، وبرا بالآباء والأمهات الأحياء منهم والأموات من مريدين وأحبة وأهل ود لا ينقطع وحفظ لعهود لا يغيرها كر الجديدن.. ولكن لابد مما ليس منه بد، وقدر الله وما شاء فعل.

 

سبت, 04/03/2023 - 14:33