الدعوة إلى الانقلاب هوس يصيب الذين تقطعت بهم سبل استعادة الحكم (خص للوئام)

وكالة الوئام الوطني - عندما يعجز المنافس عن المنازلة السياسية النزيهة، يدعو إلى الانقلاب على الشرعية!.. وعندما تعجز خلاياه الإعلامية، عبر الصحف والفايسبوك والواتساب، عن تلويث صورة الخصم، تدعو إلى الانقلاب على النظام المنتخب ديمقراطيا!.. وعندما يخسر المنافس الشرعية السياسية وتعاطف الجماهير، ويكون مهددا بقضبان الزنزانات على خلفية تُهَم يعرف في قرارة نفسه مدى جديتها وصدقيتها، يدعو إلى الانقلاب على النظام التعددي!..

إن لنا أن نتساءل، قبل أي تحليل للدعوة إلى الخروج على نص الدستور، عن الحجة التي يسوقها "المارقون" للدعوة إلى الانقلاب على النظام المدني المنتخب ديمقراطيا. إنهم يرددون أن "الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لم ينجز أي شيء بعد انقضاء نصف مأموريته"، وأن "العنف الأمني انتشر في عهده"، وأن "شخصيات من النظام السابق ما تزال موجودة في المشهد".

فبالنسبة لـ"عدم إنجاز الرئيس لأي شيء"، فالجواب واضح من خلال العرض الملموس الذي قدمه الوزير الأول أمام البرلمان، ينضاف إليه أن الشعب الموريتاني، وخلال كل الأزمات التي مر بها، من جفاف السبعينات، إلى جفاف الثمانينات، إلى السيول، إلى الحروب، إلى سنوات المجاعات، إلى سنوات الكوليرا، لم يعرف نظاما يوزع المال نقدًا على الفقراء قبل نظام محمد ولد الشيخ الغزواني. كما يعرف شعبنا أن أي رئيس، قبل ولد الغزواني، لم يشأ زيادة معاشات المتقاعدين بمئة في المئة، ولم يضاعف معاشات أرامل المتقاعدين، ولم يجعلهن يستفدن من التأمين الصحي، وأن أي رئيس قبله لم يستطع صرف معاشات التقاعد شهريا بدلا من ثلاثة أشهر تعسة وطويلة.. وإن شعبنا يعرف تمام المعرفة أن أي رئيس، قبل ولد الغزواني، لم يتجرأ على زيادة وتعميم علاوة الطبشور على كل مديري المدارس الأساسية والثانوية وصرفها على مدى 12 شهرا بدلا من 9 أشهر، مع مضاعفة علاوة البعد وزيادة علاوة التأطير بالنسبة لمفتشي التعليم.. وإن للشعب ذاكرة قوية ستحتفظ للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بأنه زاد رواتب عمال الصحة بثلاثين في المئة وعمم عليهم علاوة الخطر، وزاد التكفل بحصص التصفية لفائدة مرضى الفشل الكلوي المعوزين بنسبة خمسين في المئة، ومنحهم تعويضات نقدية بمبلغ 15 ألف أوقية شهرية لم يحلموا بها من قبل في ظل أي نظام. ولا نخال الشعب الموريتاني سينسى، تحت تأثير دعايات "المارقين"، أن فخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني هو أول رئيس موريتاني يمنح 20 ألف أوقية شهريا للأطفال الموريتانيين متعددي الإعاقات..

لائحة إنجازات الرئيس الموريتاني الحالي لا يكفيها مقال واحد، وبالتالي سوف نعرض صفحا عنها، لنقول لـ"الساكنين في مزابل التاريخ"، كما وصفهم أحدُ الكتاب، ان ولد الغزواني لم يصادف عهد بيع رخص التنقيب التي استفاد منها الأهل والمقربون وبقية المفسدين خلال العشرية السوداء، وأن تنصيبه صادف فيروسين قاتلين: فيروس كورونا وفيروس عزيز. فالفيروس الأول أوقف التبادلات الدولية وقيّد العمليات البنكية والتجارية وأعاق البرامج التنموية في العالم بأسره، والفيروس الثاني لم يترك في الخزينة فلسا واحدا يمَكّن البلاد من تجاوز تداعيات الفيروس الأول. رغم ذلك رأينا بأم أعيننا إنجازات ملموسة حققها ولد الغزواني على جميع الأصعدة: مشاريع للفقراء، طرق تعبد، كهربة متواصلة، مدارس مشيدة وأخرى قيد التشييد، مشاريع زراعية غير مسبوقة، دبلوماسية نشطة، سياسات في مجال حقوق الإنسان أعطت أكلها وطنيا ودوليا، إصلاحات على مستوى كل القطاعات، احترام متبادل مع الطيف المعارض، تشاورات وإشراك وتهدئة لا مثيل لها.

أما وصف النظام الحاكم بـ"العنف الأمني"، فلا شك أن ولد الغزواني نفسه هو أول من أدانه، ولا شك أن عنف نظامه (المبالغ في تصويره للرأي العام) ليس بحجم ما عرفنا خلال العشرية السوداء من تعذيب مؤرشف ما تزال جلود أصحابه شاهدة على فظاعته، ولا تمكن مقارنة عنف الأمن في فترة ولد الغزواني بحجم الأضرار الجسدية التي لحقت بالمحتجين والحقوقيين والحزبيين أيام حَكَمنا "أباطرة المخدرات".. إنه تهويل مقصود احتجّ به من فقدوا الأمل في أية حجة مقنعة.

أما بالنسبة لوجود "شخصيات من النظام السابق في المشهد"، فهي دعوى لا يعتد بها، فهؤلاء ليسوا -حتى اللحظة- محل إدانة من لدن القضاء، كما أنهم لم يتصرفوا –حتى الآن- تصرفا منافيا لسياسات الإصلاح التي بشر بها الرئيس، بالإضافة إلى أن الرئيس لا يمكنه أن يكنس الدولة من كل موظفيها دفعة واحدة ودون أسباب. بل ان الحكمة تقتضي منه التدرج في كل القرارات والتأني في كل المبادرات.

ومجمل القول أن الدعوة للانقلابات ليست أكثر من هوس يصيب الذين تقطعت بهم سبل الوصول للحكم أو استعادته.. إنها هلوسة تصيب من لفظهم الشعب وسُدت أمامهم أبواب الثراء الفاحش من مقدرات البلاد.. إنها هذيان أجدى لأصحابه أن يتوجهوا إلى مصحة نفسية: فمن الجنون بمكان أن نتحامل على نظام قائم على القيم الفاضلة، والتشاور، والشراكة، والشفافية، والاعتناء بهموم المواطنين، وأن نبجل نظاما كان قائما على سوء الخلق، والفساد، والصلافة، والإقصاء، والدكتاتورية في الرأي.

لقد أصبحنا نعيش في ظل نظام مقتنع أن أملاك الدولة تعود، أولا وأخيرا، إلى الشعب، فيما كنا نعيش في ظل نظام يعتبر الشعب وأملاكه يعودان لرأس هرم السلطة، فهما يعدّان ملكا خصوصيا له، وليست "أطْفِئْ التلفاز" ببعيدة عنا!!.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء ( هيئة التحرير)

خميس, 11/02/2021 - 01:27