فى وداع الرجل الوطن فى وداع اثنين فى واحد / ناجى محمد الإمام

كتب المفكر والأديب ناجى محمد الإمام على صفحته عن فقيد الامة محمد المصطفى ولد بدر الدين الآتي:

كانت الشمس تغرب في عينها الحمئة و الرفيق/ الأخ/الس(ص) ديق[نفسي عنيتُ وانتبه يازمن] يقف صافنا على واحدة يعتصره ألَمان حسي: في سنته الثالثة يراوح بين المشارط وكميات الحبوب؛ ومعنوي: يرقب صالات المغادرة باتجاه واحد... 
عندما فتحوا لى المرناة لتشهد، على اعتزازهم بأن معلمي الأول (فتش عن الفارابي) وابن أختي الزعيم امتطى صهوة طائرة خاصة جزائرية، إلى عاصمة جبهة التحرير الوطني، لم استسغ، والعامل النفسي بطبعه "ميتافيزيقي".. فهذه أول مرة أرى رحلة استشفائية إليها، رغم الكفاءات البشرية والملاءة المالية، منذ رحلة الزعيم هواري بومدين الشهيرة الحزينة الأخيرة إلى موسكو. 
ولعل تأثير الثورة والثروة وصراعهما الأزلي جعل تونس تستقبل المرضى في اقتصاد يسمونه السياحة العلاجية، بينما تظل شقيقتها الثائرة تصدر الخام النفطي فيما يعرف بالاقتصاد الريعي النفطي منذ الاستقلال. 
كل هذا الاسترسال ضروري لتفسير الانقباض الذي أحسست به منذ انطلاق الرحلة إلى عودتها. 
ولأن الانسان هو ذاك وهذا فقد تداعت الذكريات إلى أمسية اوبرالية ذات ليلة في أوبرا بيكين مع وفد من شبيبة حزب الشعب الموريتاني برئاسة الرجل الرائع، دائما، محمد الأمين مولاي الزين، أدت فيها الفرقة  العالمية (مغناة) أوبريت عبارة عن قصيدة رثى بها الزعيم ماو تسي تونغ زوجته الأولى التي توفيت في المسيرة الكبرى، يناجيها برومانسية تفلق الصخر ماء 
فتبكيه يقول فيها عن الجنة التي في السماوات حيث الحوريات يخطن لها من حرير قفاطين مشجرة. 
قلت للمترجم مستغربا هذا الدفق الغيبي فرد مبتسما : لابد للإنسان الشاعر من ماورئيات ميتافيزيقية تغني عن تفسير ما لا يقبل التفسير.. 
ذلك هو تفسيري للانقباض الذي مازال يعتصرني وسيبقى. 
إن محمد المصطفى ولد عبد الله ولد بدر الدين رجل من خيرة  فتيان رجالات
أهلي.. 
ولد عام النسيان وترعرع وشب في إحدى أشهر وأبهر بؤر الزعامة في البلاد، متعددة الأبعاد: دينية وزمنية، مادية، ومعنوية، أدبية وعلمية، فاحتفت به لما ظهر عليه من مخائل النجابة وبواكير 
العبقرية، فاشتهر يافعا واستوى، واقفا، طامحا لا طامعا...
1من 3...يتبع    (1من3 حلقات)

أحد, 11/10/2020 - 13:35