الإعلامي البارز محمد ولد الخرشي يكتب : رحلة العودة

ان لله في خلقه آيات بينات  ورسائل بالغات وضاحة الحكمة ومعجزات في وقعها وقوة تأثيرها (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) 
فيروس كورونا لا يزن شيئا يذكر وليست به حياة يضرب العالم في مقتل ويغير برامج وأساليب حياة متوارثة ويعيد ترتيب الأولويات (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) 
فلم تعد السماء كما كانت تعج بالحركة والأرض تضيق بما رحبت كل شيء تغير بسبب مخلوق ظهر فجأة فعم العالم إمراضا وقتلا وإفقارا حتى بلغت القلوب الحناجر من روعه وفتكه فانكفأت دول على نفسها وغلقت حدودها وكممت أفواه مواطنيها وباعدت بينهم وحالت بنيهم وبين ما يشتهون فتقطعت السبل بالكثيرين ومنهم موريتانيون نادى مناديهم يا مغيثاه فهب الوطن ملبيا للنداء كالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى، فجاءت الموريتانية لتحملهم على متنها في رحلات العودة إلى وطنهم في مشهد من مشاهد (التآزر) وهنا وجدوا الرعاية والحاضنة المرحبة والأمن بعد الخوف ففتحت أمامهم أبواب سبل العيش الكريم فهنالك نعم لا يشعر بها إلا من فقدها الصحة والأمن والكفاف من المعيشة (من أصبح معافى في جسمه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافرها).
إن بلدا يجعل من المواطن غايته ووسيلته ويحفظ له العهد ويجده عند الملمات لهو بلد الانتماء إليه يرفع الرأس عاليا ويجعل الأعناق تشرئب إلى المشاركة في بناء مشروعه الحضاري الهادف إلى إسعاد الجميع في فضاء التنافس الإيجابي واغتنام فرص النجاح والتميز في بيئة جاذبة للأصلح وطاردة للمفسدين وسيعلم الذين استثمروا أموالهم في غيره وفتحوا الحسابات واشتروا العمارات أن الأمان بين الأهل في وطن العدل والحكامة الرشيدة وتطبيق معايير النزاهة وديمقراطية التنمية لهو الأولى والأحق بالاستثمار وتوظيف الطاقات الفكرية والمادية من أجله في هبة اقتصادية وعلمية شاملة (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
محمد ولد الخرشي.

 

أحد, 04/10/2020 - 22:52