مرجعية القرءان/ وشمولية الدعوة.. المنهج الإصلاحي للمنظر والداعية علي محمد الشرفاء

قال تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } الأحزاب 24 صدق الله العظيم 
 يترسم المنظر والداعية علي الشرفاء هذا الدرب فقد سخر نفسه وماله ووقته في سبيل إعلاء كلمة الله لا يبتغي غير وجه الله سعيا لإصلاح المجتمعات العربية الإسلامية والتقارب بين الأمم والحضارات لتعيش الآدمية في سلام و وئام. 
 ففي الوقت الذي يلهث فيه الآخرون وراء بياض الدرهم جريا، وركضا، وهرولة، وخببا، وحبوا تقودهم المادة وتستعبدهم المصالح فينقادون بخطام الدنيا ويتغافلون عما خلقهم الله ألم يخلقهم للعبادة قال تعالى : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} الذاريات 56 57 صدق الله العظيم.
 في هذا الوقت العصيب بالذات وفق المفكر والداعية والمصلح مسخرا نفسه لهذا السبيل لا يمنعه سواد ليل ولا بياض نهار، لا يمعنه حر ولا قرمن متابعة الأحداث و توجيه الأمة الى جادة الصواب.  فالله وحده يجزل له العطاء و يجازيه خيرا بما عمل و يعمل في سبيل الله قال تعالى : {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } الأحزاب 24 صدق الله العظيم 
وقال تعالى : {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } التوبة 105 صدق الله العظيم
لقد اعتمد المفكر في منهجه ومن خلال مؤلفاته ومقالاته وأشعاره لتحقيق هذا المبتغى البعيد الشأو في ظل وضعية الأمة العربية الحالية، اعتمد إذن المفكر الكبير على مجموعة أبعاد وقف عندها واستجلى فيها الأوضاع وقدم الحلول، معتمدا على رؤية تزاوج بين مرجعية القرآن كدستور ورابط مقدس وكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه  من جهة، وعلى البعد الشامل الحضاري لهذه الرسالة التي وجهت إلى كافة البشر  .
لذا اعتمد المؤلف في دعوته الإصلاحية ومنهجه الشامل على الأبعاد الآتية: 
1 ـ البعد الديني والقومي 
2 ـ البعد الاجتماعي 
3 ـ البعد العمراني الحضاري 
4 ـ البعد الإنساني والنظرة الشاملة 
وهو ما حدا بنا إلى أن نقسم هذا العمل إلى محاور نستجلي من خلالها أهم هذه الأبعاد، محاولين استخلاص الرؤية الشاملة التى دعا إليها المؤلف ومبرزين كذلك التمفصلات العامة لمنهجه المتكامل الذي بناه على هذه الثنائية الجميلة: مرجعية القرءان / وشمولية الدعوة . وهو ما اخترناه عن قصد عنوانا لهذا المقال. 
لذا و سعيا لتحقيق هذا المبتغى تفرض علينا المنهجية أن نقوم بما يلي :
أ ـ تلخيص لأهم المضامين التى ينطوي عليها كتاب : المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي 
ب ـ إبراز وأهم الأفكار والاشكالات والرؤية الجوهرية التى بني عليها هذا الكتاب باعتباره الكتابّ الأساس لأهم أعماله الفكرية التى تدعو لرؤية إصلاحية مؤسسة على منهج واضح وذلك من خلال المراحل التالية: 
ـ استجلاء الأوضاع العامة للأمة العربية الإسلامية
ـ نقد الوضعية الحالية 
ـ البحث عن أسباب ومكمن الضعف في الدين الإسلامي اليوم 
ـ  ضعف المجتمع الإسلامي وأسباب ذلك 
ـ التراث الإسلامي والخطر المداهم 
ـ  المسار التاريخي والحضاري  
ـ ثم الخروج بفكرة واضحة وسليمة تترجم رؤية المفكر  والتي مفادها بالإجمال، أن لا تقدم ولا سلم ولا تحضر إلا برؤية إنسانية شاملة وفهم صحيح للدين الإسلامي. ولن يتحقق ذلك إلا بالرجوع  إلى القرءان كمرجعية حقيقية للدين تحفظه من الروايات وتحصنه من المزايدات والأباطيل المضللة التي انقسم فيها المسلمون  اليوم إلى شيع لا تنحصر وهي انقسامات أصلها ومردها يرجع بالأساس إلى الرواة من أعداء الدين.
 لقد كانت هذه الروايات بمثابة انقلاب منظم ومنهج على القرءان ومعول هدم مسلط على الدين دستها أمم أخرى أعداء للأمة العربية وأعداء للدين كالمجوس واليهود .
لقد أصابت الروايات الهدف حيث أدت إلى تشتيت الأمة الإسلامية وتفريقها حين انتشر التمذهب والطائفية والتحزب والفرق وصار كل فريق يدعو إلى حزبه وطائفته ويفند ما عليه  الطائفة الأخرى حتى صار المسلم يرفع صوته بالتكبير قاتلا ويرفع صوته بالتكبير مقتولا وهذا ما ترجمه المفكر للعالم أجمع في قوله :
" ساد الباطل في المجتمع الإسلامي عندما تمت تنحية القرآن الكريم كمرجع للتشريع ومنبع للاستنباط ونور الله يخرج الناس من الظلمات الى النور تراجع المسلمون في شتى علوم الحياة وتراجع التفكير في البحث  والإبداع وأصبح المسلمون بما وهبهم الله من ثروات و خيرا ت تعينهم على الاختراعات والتميز والإنتاج والإسهام في تقدم الحضارة الانسانية في مختلف العلوم التي يعتبرها الدين الإسلامي إحدى عناصر العبادة وطاعة الله في التفكر والتدبر فيما خلق ليوظفوا ما تحقق لهم من نتائج تستفيد بها البشرية .
أصبح المسلمون يتلقون فوائض ما تجود به أسواق الغرب عليهم ويدفعون لهم ثرواتهم ثمنا رخيصا. لقد عصوا الله في أمره لهم بالتدبر والتفكر وخسروا ما وهبهم الله من رزق وثروة ورضوا بالروايات التي شلت التفكير وحل محله التكفير ليتحقق التشرذم والتقاتل بين المسلمين فينشغلوا بأنفسهم وغيرهم يعمل بجهد واجتهاد في تطوير العلوم وتنمية الأوطان لتحقيق الرفاهية لشعوبهم ونحن رضينا بالدماء تروي الأرض بغيا وظلما وتخلفا عندما تركنا منهج رسالة العلوم والإيمان وحلت مكانها دعوة القتل والطغيان" 
كتاب"المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي ط1  ص 102  للمفكر
و يضيف في مقام آخر استكمالا لشرح هذه الدعوة و فقرات هذا المنهج 
" إن ما تقاسيه الأمة العربية من حياة الضنك والشقاء والتقاتل والتخلف فى الماضى والحاضر نتيجة منطقية لإخلالهم ببنود العقد المقدس الذي احتوته آيات القرآن الكريم وقد وضع الله لهم قاعدة واضحة تحد لهم خارطة الطريق في قوله سبحانه :  {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى  ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بَصِيرا قال كذلك أتتك آيَاتِنَا فنسيتها وكذلك الْيَوْمَ تنسى}  طه123-126 صدق الله العظيم   
يقول المفكر  علي  بالحرف الواحد  :"الكل يقفون بكل الذل والخشوع أمام رب الناس وخالق الكون لا يمتلكون شيئا من أمرهم" 
فليتذكر المسلمون قوله تعالي : يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا. طه 108 صدق الله العظيم
خلاصة القول عن هذا المنهج :  منهج متكامل ودعوة صريحة لتخليص الأمة من ثعابين الروايات المضللة و قلم جاد لبناء أمة ريادية قائدة  تتبع ما جاء به رسول أمين أدى الأمانة وبلغ الرسالة  وحدد فصولها باعتبار الإسلام رسالة رحمة وعدل وحرية ومساواة. 

 

سبت, 06/07/2019 - 22:07