
أعد الباحث بجامعة نواكشوط، الدكتور محمد عبد الله مكاه (حماد) ، مشروع بحث نال ثقة الوكالة الوطنية للبحث العلمي والابتكار ANRSI التي تكفلت بتمويل المشروع البحثي بصفته أولوية في الصحة العامة حيث ستمكن نتائجه من معرفة آليات انتقال حمى الملاريا في المناطق الشرقية من موريتانيا.
هذه الدراسة سيقام بها في الأشهر القادمة ويتوقع صدور النتائج الأولى لها مع نهاية 2026.
الدراسة العلمية الجديدة تسعى لمحاولة فهم السرعة اللافتة لعودة انتشار المرض بعد أسبوعين أو ثلاثة فقط من بداية فصل الخريف، رغم توقّف الناقلية المرضية طيلة أكثر من تسعة أشهر خلال فصلي الشتاء والصيف.
وتعتمد الدراسة على منهجية ميدانية متعددة الأبعاد، تشمل جمع معطيات سريرية، وبيولوجية، وجينية، وبيئية تتعلق بالملاريا الموسمية، بهدف كشف مصادر العدوى الحقيقية وكيفية استئنافها سريعا مع بداية الأمطار.
وقد وضع الباحث فرضيتين رئيسيتين لاختبارهما:
الفرضية الأولى: بعوضة الأنوفيل طويلة العمر
ترجّح هذه الفرضية أن يكون بعض أفراد بعوض الأنوفيل قادرا على العيش لفترة تتجاوز المألوف، أي البقاء عبر أشهر الصيف الحارة حتى بداية موسم الأمطار التالي، رغم أن العمر الطبيعي للبعوض، وفق المتعارف عليه، لا يتجاوز أربعة أسابيع في الظروف المناسبة، غير أن الدراسة تستقصي إمكانية وجود مجموعات قادرة على النجاة لفترات أطول مما يجعلها مسؤولة عن إعادة الانتقال السريع للمرض.
ويجري الدكتور أبحاثا ميدانية حول وجود البعوض الناقل خلال المواسم غير الممطرة، وقدرته على حمل الطفيلي، خصائصه البيئية، وصفاته الجينية، إلى جانب تحريات علمية حول مدى تأقلمه مع الظروف المحلية.
الفرضية الثانية: وجود خزان بشري صامت للملاريا
تدرس هذه الفرضية احتمال أن يكون السبب الحقيقي في عودة انتقال الملاريا هو وجود أشخاص يحملون طفيليات المرض دون ظهور أعراض، بحيث تنشط لديهم أمشاج الملاريا (gametocytes) مع بداية نشاط البعوض في موسم الخريف.
وسيتم في هذا الإطار متابعة عينة مجتمعية من سكان المناطق الموبوءة عبر معاينات سريرية منتظمة، وفحوصات مخبرية وجينية دورية، ورصد لحالات حاملي الأمشاج، فضلا عن دراسة ظروف ظهورها وتفعيلها في الدم، وكذلك البحث عن آليات غير معروفة قد تفسّر النشاط المفاجئ للطفيلي.
وأكد الدكتور مكاه أن النتائج المنتظرة من هذه الأبحاث ستُحدث تغييرا جوهريا في فهم ديناميكية انتقال الملاريا الموسمية، بما يفتح الباب أمام استراتيجيات فعالة للتحكم في المرض والقضاء عليه، سواء على مستوى موريتانيا أو على مستوى دول الساحل.
وأشار إلى أن الدراسة تندرج ضمن الجهود الوطنية والدولية الهادفة إلى القضاء على الملاريا في أفق 2030، وهو هدف استراتيجي يأمل الباحث أن تسهم نتائجه العلمية في تحقيقه.
يشار إلى ان الدكتور محمد عبد الله مكاه (حماد)أاستاذ باحث بجامعة انواكشوط، ورئيس الجمعية الموريتانية لأمراض للطفيليات والحشرات الناقلة للأمراض (SOMAPE)، وعضو وحدة البحث "الجينوم والوسط" بكلية العلوم والتقنيات، وباحث سابقا ورئيس مخبر بالمعهد الوطني لبحوث الصحة العامة (INRSP)، وعضو العديد من الجمعيات العلمية الدولية وخبير دولي في مجال الأمراض الطفيلية و المدارية.


.gif)
.png)
.jpg)
.gif)

.jpg)

.jpg)