
شهدت القاهرة، على هامش الدورة الخامسة والخمسين لمجلس وزراء الإعلام العرب، حراكا دبلوماسيا لافتا قاده معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، السيد الحسين ولد مدو، من خلال سلسلة لقاءات ثنائية جمعتُه بعدد من وزراء الإعلام العرب.
ورغم الطابع البروتوكولي لمثل هذه الفعاليات، إلا أنّ ما حملته لقاءات الوزير من مضامين وتوجهات يكشف عن رؤية موريتانية تتقدم بثبات نحو تموضع جديد في الفضاء الإعلامي العربي.
اللقاءات التي شملت وزراء ليبيا والكويت وسوريا، إضافة إلى رئيس مجلس الإعلام في دولة الإمارات، تؤشر إلى سعي واضح لتعزيز حضور موريتانيا في محيطها العربي عبر بوابة الإعلام. فالتكتل الإعلامي العربي يواجه تحولات بنيوية مرتبطة بتسارع الثورة الرقمية، والانفجار المعلوماتي، وتحديات التضليل، وهي ملفات تحتاج تنسيقا أعمق يتجاوز الخطاب إلى بناء شراكات عملية.
وفي هذا السياق يبدو أن موريتانيا تريد أن تكون جزءا فاعلا في صياغة الأجوبة العربية لهذه التحديات.
تنوعُ الدول التي شملتها اجتماعات معالي الوزير ولد مدو يحمل دلالة على رغبة نواكشوط في بناء شبكة علاقات متعددة المسارات:
- مع ليبيا: دعم مشاريع التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات في مرحلة تشهد فيها ليبيا إعادة بناء مؤسساتها الإعلامية.
-
- مع الكويت: التعاون مع واحدة من أكثر التجارب الإعلامية العربية استقرارا وتنظيما، بما يتيح فرص توسيع الشراكات المهنية.
- مع سوريا: الانفتاح على خبرات تمتلك تراكمات كبيرة في العمل الإعلامي الرسمي، وفي إدارة الرسائل الوطنية خلال الأزمات.
- مع الإمارات: الاستفادة من التكنولوجيا الإعلامية المتقدمة ومن التجربة الإماراتية في بناء مؤسسات إعلامية رقمية رائدة.
هذا التنوع يترجم رؤية موريتانية تسعى إلى أن تكون استفادتها استراتيجية وغير مقتصرة على بعد واحد أو تجربة واحدة.
لقد تطرّقت لقاءات الوزير إلى ملفات محورية، أبرزها تبادل الخبرات وتعزيز التعاون المهني ودعم الجهود العربية في مواجهة التحديات الإعلامية.
وفي زمن تتسارع فيه الحملات الرقمية العابرة للحدود، وتتعاظم فيه مخاطر الشائعات، وتزداد فيه الحاجة إلى إعلام عمومي قوي ومتوازن، يصبح التنسيق بين الدول العربية ضرورة وليس ترفا.
ومن هنا، فإن الحراك الذي قاده الوزير ولد مدو لا يقتصر على تعزيز العلاقات الثنائية، بل يعكس إدراكا متناميا بأن الأمن المعلوماتي والخطاب الإعلامي الرشيد باتا جزءاً من الأمن القومي للدول.
هذه التحركات الموريتانية الخارجية تأتي أيضا في سياق داخلي يشهد إصلاحات قانونية ومؤسسية في الإعلام، وتوجهات لتحديث البنى التحتية، وتحسين أداء وسائل الإعلام العمومية، وإرساء قواعد أكثر مهنية وتعددية.
وبالتالي، فإن توسيع الشراكات العربية لا يمثل فقط بعدا خارجيا، بل هو دعم مباشر لمسار الإصلاحات الوطنية.
وتؤكد لقاءات وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان في القاهرة أن موريتانيا تتحرك بثقة نحو لعب دور أكبر في الساحة الإعلامية العربية. فالانفتاح على تجارب متنوعة، وتوسيع الشراكات، والتعاطي مع التحديات المشتركة، كلها خطوات تظهر أن نواكشوط تدرك أهمية الإعلام كأداة قوة ناعمة، وكرافعة للتنمية، وكمجال لا بد من الاستثمار فيه سياسيا ومهنيا وتقنيا.
إنه حراك لا يقتصر على الصورة أو البروتوكول، بل يبدو أقرب إلى صياغة مقاربة جديدة لوضع الإعلام الموريتاني ضمن فضائه العربي الواسع.
وكالة الوئام الوطني للأنباء



.gif)
.png)
.jpg)
.gif)

.jpg)

.jpg)