حدث وتعليق/ ترخيص أحزاب جديدة.. مشهد سياسي يتجدد ورسائل متعددة الاتجاهات

الوئام الوطني : في خطوة لافتة تعيد رسم بعض ملامح الخريطة السياسية في البلاد، سلّمت وزارة الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية، أمس الثلاثاء 18 نوفمبر 2025، التراخيص النهائية لخمسة أحزاب سياسية جديدة، ليُضاف فصل جديد إلى الديناميكية الحزبية التي تشهدها موريتانيا منذ سنوات.

الأحزاب الجديدة التي نالت الترخيص هي: جبهة المواطنة والعدالة، موريتانيا إلى الأمام، الخيار الآخر، صيانة المكتسبات الديمقراطية، ونماء، بقيادة شخصيات سياسية ذات حضور سابق في المشهد العام، من بينها محمد الأمين المرتجي الوافي، جميل منصور، نور الدين محمدو، زينب التقي، وعبد الرحمن ميني.

إن ترخيص خمسة تشكيلات سياسية دفعة واحدة ليس حدثا عاديا، فهو يعكس من جهة استعداد السلطات لفتح المجال أمام المزيد من التعددية، ومن جهة أخرى حيوية اجتماعية وسياسية تتفاعل مع متغيرات السنوات الأخيرة.

فالنظام القانوني الذي أعاد ضبط شروط إنشاء الأحزاب بعد فترة وصفها المراقبون بمرحلة “تنقية الساحة”، يبدو اليوم أكثر مرونة واستعدادا لاستيعاب قوى جديدة، بشرط احترام الضوابط التنظيمية وتقديم مشاريع سياسية ذات قاعدة فعلية.

كما أن تسليم الأوصال النهائية بعد توقيعها من طرف وزير الداخلية يعطي هذه الأحزاب مكانتها القانونية الكاملة، ويمنحها الحق في مباشرة أنشطتها الرامية إلى “تكوين الإرادة السياسية والتعبير عنها”، كما ينص الدستور.

قادة الأحزاب الجديدة وجوه يعرفها الرأي العام:

  • محمد الأمين المرتجي الوافي: الذي خاض تجارب سياسية سابقة كمرشح لمنصب رئيس الجمهورية
  • جميل جميل منصور: الرئيس الأسبق لحزب تواصل، وبرلماني سابق وقيادي ذو وزن فكري وسياسي معروف.
  • نور الدين محمدو: الناشط السياسي والإعلامي الحاضر في عدة مبادرات وطنية، والذي يصفه المراقبون بالشاب الطموح.
  • زينب التقي: إحدى الوجوه النسائية البارزة في العمل العام من خلال أدائها المتميز تحت قبة البرلمان.
  • عبد الرحمن ميني: صاحب مسار طويل في الشأن السياسي، وقيادي بارز في تنظيم "فرسان التغيير" العسكري الذي نفذ محاولة انقلابية فاشلة ضد نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع عام 2003.

إن وجود هذه الشخصيات يعطي الانطباع بأن التشكيلات الجديدة ليست مجرد “أختام حزبية”، بل مشاريع يجري بناؤها على رؤى وخبرات متراكمة.

ويأتي ظهور هذه الأحزاب في لحظة تتسم بقرب استحقاقات محلية وتشريعية مستقبلية قد تعيد ترتيب موازين القوى، وقبيل حوار وطني واسع حول الإصلاحات السياسية والدستورية، فضلا عن وجود تحولات اجتماعية واقتصادية تجعل المواطنين أكثر مطالبة بخيارات سياسية تعكس اهتماماتهم الفعلية.

لذلك يمكن قراءة هذه التراخيص باعتبارها توسعة للمجال السياسي قبل مرحلة مفصلية، وبأنها استيعاب مؤسساتي لصعود مزيد من الفاعلين السياسيين ضمن تشكيلات جديدة تمنح المواطن هامش اختيار أوسع.

وعلى الرغم من أهمية الترخيص القانوني، يبقى التحدي الحقيقي لهذه الأحزاب في قدرتها على تقديم برامج واقعية تتجاوز الخطاب الإنشائي، وتلامس قضايا التنمية، والعدالة الاجتماعية، والحوكمة، وحاجات الشباب والمرأة.

فخشية الرأي العام من “التضخم الحزبي” لن تتبدد إلا إذا برهنت هذه التشكيلات على جدية ميدانية ومهنية تنظيمية.

وبكل تأكيد، سيشكّل دخول خمسة أحزاب جديدة إلى الحياة السياسية دفعة واحدة مؤشرا على حيوية المشهد المحلي، وعلى رغبة السلطات في توسيع دائرة المشاركة.

ومع ذلك، فإن القيمة السياسية لهذا الحدث لن تتحقق إلا إذا تمكّنت هذه القوى من بناء خطاب مسؤول، وعلاقات صحيحة مع المواطنين، وإضافة قيمة حقيقية إلى التجربة الديمقراطية الموريتانية.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

أربعاء, 19/11/2025 - 09:23