
شهدت الساحة الاقتصادية الوطنية هذا الأسبوع حدثا مهما، تمثل في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده محافظ البنك المركزي الموريتاني، السيد محمد الأمين ولد الذهبي، إلى جانب رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، السيد فيليكس فيشر، والذي تضمن الإعلان عن نتائج المراجعة الخامسة للبرنامج الإصلاحي الذي تنفذه موريتانيا بدعم من الصندوق.
وقد حملت هذه النتائج مؤشرات إيجابية تؤكد متانة الاقتصاد الوطنيومرونته في مواجهة الصدمات، حيث بلغت نسبة النمو الاقتصادي 6.3% خلال العام الجاري، في ظل توقعات بأن تستقر عند 4.2% نهاية 2025، لترتفع مجدداً إلى 4.7% نهاية 2026.
وهي أرقام تعكس في جوهرها صلابة الأداء الاقتصادي الموريتاني وفعالية السياسات الحكومية التي مكنت من تحقيق توازن دقيق بين متطلبات الإصلاح والاستدامة المالية من جهة، والعدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة من جهة أخرى.
نتائج المراجعة الخامسة للبرنامج الإصلاحي تمثل اعترافا دوليا واضحا بالجهود الحكومية في مجال الإصلاح المالي والنقدي.
فبموجب هذه المراجعة، ستحصل موريتانيا على دفعة قدرها 6.44 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 8.7 ملايين دولار)، في حين ستتلقى في إطار برنامج الصلابة دفعة إضافية تبلغ 59.44 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، أي ما يعادل 80.6 مليون دولار أمريكي، بعد موافقة مجلس إدارة الصندوق.
وتجسد هذه الخطوة ثقة المؤسسات المالية الدولية في الاقتصاد الموريتاني، وفي سلامة توجهاته الإصلاحية التي أُرسيت على رؤية واقعية وشفافة، تقودها إرادة سياسية واضحة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات.
لقد تمكنت موريتانيا، رغم ما يحيط بالعالم من تقلبات جيوسياسية واقتصادية، من المحافظة على توازناتها الكبرى، بفضل ما وصفه المحافظ ولد الذهبي بـ”مرونة السياسات الحكومية وفعاليتها في رفع التحديات التنموية”.
فمن خلال ضبط السياسة النقدية وتطوير أدواتها، وتعزيز الانضباط الميزانوي، وتحسين كفاءة الإنفاق العام، استطاعت الحكومة أن تحصن الاقتصاد الوطني ضد تأثيرات الأزمات الخارجية، وتؤمن استدامة النمو في بيئة عالمية شديدة التقلب.
كما أن تطوير منظومة الحوكمة الاقتصادية واعتماد معايير الشفافية الدولية في إدارة الموارد العامة، عززا ثقة الشركاء الدوليين، ومهدا الطريق لمزيد من التعاون المالي والفني مع المؤسسات المانحة، في إطار شراكات تستند إلى الكفاءة والمصداقية.
تأتي هذه النتائج المشجعة في سياق رؤية استراتيجية شاملة رسم ملامحها فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي جعل من الإصلاح الاقتصادي المستدام أحد أعمدة برنامجه التنموي.
وقد حرصت الحكومة، بتوجيهاته السامية، على المواءمة بين متطلبات التوازن المالي وواجب العدالة الاجتماعية، فكانت الإصلاحات الاقتصادية بمثابة رافعة للتنمية المحلية ومصدر تمويل لبرامج الدعم الاجتماعي، مثل التآزر ومشروعي مستقبلي والبرنامج الاستعجالي للتنمية المحلية.
إن هذه المقاربة المتوازنة بين الصرامة الاقتصادية والبعد الإنساني تمثل اليوم جوهر النموذج الموريتاني في التنمية، الذي يضع المواطن في صميم العملية الاقتصادية، ويجعل من الإصلاح المالي وسيلة لتحقيق الرفاه الاجتماعي والاستقرار الوطني.
لقد أثبتت المؤشرات المعلنة أن الاقتصاد الموريتاني يسير في الاتجاه الصحيح، وأن الجهود الحكومية الرامية إلى بناء قاعدة اقتصادية صلبة بدأت تؤتي ثمارها.
فبفضل هذه الإصلاحات، أصبحت البلاد أكثر قدرة على امتصاص الصدمات الخارجية، وأكثر جاذبية للاستثمار، وأقرب إلى تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة.
ولعل ما يميز هذه المرحلة هو انتقال موريتانيا من سياسات التكيّف الظرفيإلى نهج الإصلاح الهيكلي طويل المدى، في انسجام تام مع المعايير الدولية ومع تطلعات الشعب الموريتاني إلى النمو والعدالة والاستقرار.
إن ما تحقق من نتائج إيجابية في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الراهنة يشكل إنجازا وطنيا بامتياز، يعكس جدية الحكومة في تنفيذ برنامجها الإصلاحي، ويؤكد أن الاقتصاد الموريتاني ماضٍ بثقة نحو مستقبل أكثر استدامة وتوازنا.
وهي مناسبة لتثمين الجهود المتواصلة التي تبذلها السلطات العمومية، تحت القيادة الرشيدة لفخامة رئيس الجمهورية، من أجل ترسيخ الإصلاح، وتعزيز الحوكمة، وتحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية يشعر بها المواطن في حياته اليومية.
وكالة الوئام الوطني للأنباء



.gif)
.png)
.jpg)
.gif)

.jpg)

.jpg)