
يُعيد تأكيد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، السيد محمد سالم ولد مرزوك، التزام السلطات الموريتانية بمتابعة ملفي المفقودين إسحاق ولد المختار ورشيد مصطفى، فتح النقاش حول عمق المسؤولية التي تضطلع بها الدبلوماسية الوطنية في حماية مواطنيها والدفاع عن قضاياهم خارج الحدود، مهما طال الزمن وتعقدت المسارات.
فمن قاعة الجمعية الوطنية، وخلال جلسة علنية خصصت للرد على سؤال شفهي وجهه النائب الخليل ولد النحوي، أعاد الوزير التأكيد على أن الحكومة الموريتانية تضع قضايا أبنائها في الخارج ضمن أولوياتها، سواء تعلق الأمر بالمفقودين أو بالمقيمين الذين تواجههم تحديات قانونية أو إنسانية.
وقد جاءت ردود الوزير محملة برسائل سياسية وإنسانية في آنٍ واحد، فهي من جهة تعكس التزام الدولة المبدئي تجاه مواطنيها أينما وجدوا، ومن جهة أخرى تُبرز ما تحقق من تطور في أداء الدبلوماسية الوطنية بفضل التوجيهات المباشرة لفخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي ما فتئ يلح على جعل خدمة المواطن محور السياسات العامة للدولة.
قضيتا المفقودين إسحاق ولد المختار ورشيد مصطفى تمثلان رمزا للألم الإنساني والوفاء الوطني.
فالأول، صحفيٌ شجاع اختفى في سوريا عام 2013 أثناء تأدية مهمته الإعلامية، والثاني رجل أعمال فقد الاتصال بطائرته في الأجواء الأنغولية قبل أكثر من عقد.
وعلى الرغم من مرور السنوات، لم تُغلق السلطات الموريتانية ملفيهما، بل ظلت تعمل بصبر دبلوماسي على تتبع خيوط الأمل الممكنة.
وقد أوضح الوزير أن قضية إسحاق ولد المختار تحظى بمتابعة مستمرة عبر قنوات متعددة، من بينها الاتصالات مع السلطات السورية السابقة والجديدة، ومع دول الجوار كسوريا والعراق، فضلا عن التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”. وهي إشارة إلى أن الدبلوماسية الموريتانية تتعامل مع الملف ضمن شبكة معقدة من العلاقات الأمنية والسياسية، تتطلب حنكة ومثابرة بعيدتين عن الأضواء.
أما بخصوص رجل الأعمال رشيد مصطفى، فقد جدد الوزير تأكيد الحكومة على أن الاتصالات مع السلطات الأنغولية لم تتوقف، وأن ما تم التوصل إليه حتى الآن يفيد بتحطم الطائرة التي كان يستقلها، غير أن البحث لا يزال مستمرا، التزاما بمبدأ الدولة في السعي الدائم لكشف مصير مواطنيها وتوفير الحقيقة لعائلاتهم.
اللافت في مداخلة الوزير هو إشارته إلى التحول الهيكلي الذي عرفته وزارة الخارجية مؤخرا، بعد استحداث قطاع خاص بالموريتانيين في الخارج، وهو ما يعكس وعيا رسميا متزايدا بأهمية الدبلوماسية الاجتماعية والإنسانية كامتداد طبيعي للعمل الدبلوماسي التقليدي.
فلم يعد دور الخارجية يقتصر على العلاقات الثنائية أو الدفاع عن المصالح الاقتصادية، بل اتسع ليشمل متابعة أوضاع الجاليات والدفاع عن حقوقها وتسهيل اندماجها، وهو توجه ينسجم مع رؤية الدولة الحديثة التي يقودها الرئيس الغزواني، القاضية ببناء “دبلوماسية إنسانية” تضع الإنسان الموريتاني في قلب اهتمامها.
إن تأكيد الوزير ولد مرزوك على استمرار الجهود الرسمية في البحث عن المفقودين، رغم مرور الزمن وتعاقب الحكومات، يحمل دلالة قوية على استمرارية الدولة في الوفاء لأبنائها. فالقضية لم تعد مجرد ملف إنساني معزول، بل باتت رمزا لقيم الوفاء والعدل التي تسعى الجمهورية إلى تكريسها في مؤسساتها.
وفي النهاية، فإن الجهود الدبلوماسية المبذولة في هذا الملف، وإن كانت نتائجها الملموسة محدودة حتى الآن، إلا أنها تؤسس لثقافة جديدة في العمل الخارجي الموريتاني، تجعل من “الإنسان” محور السياسات، وتؤكد أن صوت المواطن، حتى لو فُقد أثره، سيظل حاضرا في ضمير الدولة.
لقد كشفت جلسة البرلمان الأخيرة أن الدبلوماسية الموريتانية، في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لم تعد تكتفي بإدارة الملفات الخارجية، بل أصبحت تعبيرا عن قيم الدولة الراعية، التي لا تنسى أبناءها أينما كانوا، ولا تسكت عن البحث عن الحقيقة، مهما طال الغياب.
وكالة الوئام الوطني للأنباء



.gif)
.png)
.jpg)
.gif)

.jpg)

.jpg)