افتتاحية/ التعديل الوزاري المرتقب.. رؤية جديدة وآليات فعالة

الوئام الوطني : يبدو أن موريتانيا مقبلة على منعطف حكومي جديد، إذ تتزايد التوقعات بقرب إعلان تعديل وزاري موسع، من طرف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بعد مضي أكثر من سنة على تشكيل الحكومة الحالية في مستهل مأموريته الثانية.

هذا التعديل المرتقب ليس مجرد استبدال أسماء، بل يحمل في طياته دلالات سياسية وإدارية أعمق تتعلق بتوجهات الحكم في المرحلة القادمة، وكيفية إدارة الملفات الكبرى التي تواجه الدولة، من تحفيز للاقتصاد، وتحصين ضد تحديات الأمن في محيط متوتر.

فمنذ تسلمه السلطة في 2019، أظهر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أسلوبا مختلفا في الحكم، قائما على التدرج والهدوء السياسي، بعيدا عن المواجهة والتصعيد.

ومع دخوله مأموريته الثانية في 2024، بدا واضحا أن الرجل يريد ترك بصمة مستقلة ومختلفة عن سلفه، السيد محمد ولد عبد العزيز، الذي انتهت مسيرته السياسية خلف القضبان، بعد إدانته بتهم فساد خطيرة.

وفي هذا السياق، يُفهم أن الحكومة الحالية، التي شكّلت عقب إعادة انتخاب الغزواني، قد أتمّت وظيفتها المرحلية، وحان وقت ضخ دماء جديدة في الجهاز التنفيذي، تتماشى مع التوجهات الجديدة للسلطة، مع الإبقاء على وزراء خدموا برنامج الرئيس بكل تفان وإخلاص.

وبعكس أسلوب الحكم الفردي لسلفه، أتاح الغزواني صلاحيات واسعة لوزرائه، شريطة تحقيق نتائج ملموسة خلال فترات زمنية محددة، غالبا لا تتجاوز السنة.

هذا النموذج، وإن بدا عصريا من حيث الشكل، وضع كثيرا من الوزراء في اختبارات قاسية، خصوصا في القطاعات الحيوية مثل الصحة، التعليم، البنية التحتية، والاقتصاد.

لم يعتمد الرئيس الغزواني على الإعلام أو الخطابات الشعبوية لتقييم أداء حكومته، بل تبنى أسلوبا هادئا يعتمد على الملفات والأرقام والتقارير الإدارية، ضمن شبكة بيروقراطية داخلية، وهو ما يجعل التعديل المرتقب نتيجة تراكمية لمراقبة هادئة، ولكنها صارمة.

ويشير سيناريو التعديل الوزاري المرتقب، بحسب المراقبين، إلى خروج وزراء الأداء الضعيف من التشكيلة المنتظرة، إذ سيخرج عدد معتبر من الوزراء الحاليين، خاصة أولئك الذين أخفقت قطاعاتهم في تنفيذ المشاريع المعلنة، أو واجهوا فضائح، سوء إدارة، أو تراجعا في مؤشرات الأداء.

كما يتوقع ذات السيناريو أن يشمل التعديل تنقلات داخلية لبعض الوزراء من وزارة إلى أخرى، خاصة أولئك الذين أظهروا كفاءة إدارية لكن في بيئة غير ملائمة أو ممن يملكون خلفيات متعددة تسمح لهم بتولي أكثر من قطاع.

وبحسب هذا التوقع، يرجح المراقبون أن يعمد الرئيس إلى فتح المجال أمام وجوه جديدة من خارج الطبقة السياسية التقليدية، سواء من التكنوقراط، أو من القطاع الخاص، أو من بعض الكفاءات الوطنية العائدة من الخارج، بهدف إعادة الثقة الشعبية في الجهاز التنفيذي، وإعطاء دفعة جديدة لمسار التنمية.

إن التعديل الوزاري المرتقب يعتبر بمثابة إعادة ضبط لبوصلة الحكم في مأمورية ينظر إليها على أنها ستكون حاسمة في ترسيخ نظرة الرأي العام لحكم الرئيس الغزواني كصاحب مشروع وطني متكامل.

كما أن هذا التعديل من شأنه أن يوجه رسائل طمأنة للممولين الدوليين، بأن هناك نية حقيقية لتجديد الإدارة وتفعيل الأداء التنفيذي، وهو ما سيجعله موضع اهتمام من قبل الشركاء، الذين يراقبون تطورات ومؤشرات النمو في موريتانيا.

إن التعديل الوزاري المرتقب ليس مجرد حدث سياسي عابر، بل هو علامة فارقة في مسار مأمورية الغزواني الثانية، وفرصة لإعادة هيكلة الدولة وتنشيط آليات الحكم.

إن الرئيس الغزواني يدرك أن موريتانيا اليوم لا تحتاج فقط إلى حكومة جديدة، بل إلى رؤية جديدة، بروح حديثة، وآليات فعالة.. وما سيعلنه في الأيام المقبلة، سيكون مؤشرا حاسما على اتجاه الرياح في السنوات الأربع المتبقية من مأموريته الجارية.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

سبت, 23/08/2025 - 17:40