المغرب.. من لاعب قاري مُنافِس إلى مركز قرار كروي عالمي/ إسماعيل الرباني*

في سابقة من نوعها بالقارة الإفريقية، شهدت مدينة سلا المغربية، الأسبوع الماضي، افتتاح المقر الإقليمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا – فرع إفريقيا)، وذلك بحضور رئيس الفيفا جياني إنفانتينو، ورئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم باتريس موتسيبي، ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، إلى جانب شخصيات رياضية بارزة من داخل القارة وخارجها.

إن اختيار مدينة سلا المغربية لاحتضان أول مقر للفيفا في القارة، يؤكد ثقة المؤسسة الكروية العالمية في قدرة المملكة على لعب دور محوري كجسر بين أوروبا وإفريقيا.

فالمغرب، الذي خطف الأضواء عالميا ببلوغه نصف نهائي كأس العالم قطر 2022، واستضاف بنجاح بطولات إفريقية كبرى، يعزز اليوم حضوره كمركز لصناعة القرار الكروي. هذا التموقع لا يخدم الرياضة وحدها، بل يشكل أيضا رافعة دبلوماسية تمنح المغرب وزنا إضافيا في علاقاته الإفريقية والدولية.

إن وجود مؤسسة عالمية بحجم الفيفا على الأراضي المغربية سيجذب استثمارات جديدة في مجالات البنية التحتية، التكوين، والتسويق الرياضي.. كما أنه سيعزز جاذبية المملكة كمركز إقليمي لصناعة الرياضة، وهو ما سينعكس على الاقتصاد المحلي بخلق فرص عمل وتطوير منظومة الرياضة الاحترافية.

ولطالما عانت إفريقيا من ضعف تمثيلها في دوائر القرار الكروي الدولي، لكنها تجد اليوم في هذه الخطوة فرصة تاريخية لتقريب الفيفا من هموم الاتحادات الوطنية.

فالمقر الجديد قد يسهم في تسريع برامج تطوير الحكام والمدربين، وتحسين ظروف تنظيم المسابقات القارية، وتوسيع قاعدة التكوين الرياضي.

افتتاح المقر بالمغرب ليس مجرد خطوة إدارية أو بروتوكولية، بل يمثل اعترافا صريحا بمكانة المملكة المتنامية على الساحة الكروية الإفريقية والدولية، كما أنه يعتبر اعترافا بأهمية القارة الإفريقية في خارطة كرة القدم العالمية. فإقامة أول مقر للفيفا في إفريقيا يعني تقريب مركز القرار الدولي من الاتحادات الإفريقية، وتعزيز قدرتها على التأثير في السياسات والبرامج الكروية.

إن وجود مقر للفيفا في إفريقيا يعني أيضا فرصا جديدة للاستثمار، ونقل الخبرات، وتعزيز صناعة الرياضة كمحرك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. فالقارة التي تضم أكبر قاعدة شبابية في العالم، مؤهلة لتكون سوقا واعدة لصناعة كرة القدم على المدى الطويل.

وستمنح هذه الخطوة الهامة المغرب تفوقا استراتيجيا على بقية القوى الكروية التقليدية في إفريقيا، مثل مصر وجنوب إفريقيا ونيجيريا. كما أنها ستضع المملكة في موقع متقدم لدعم ملفاتها المستقبلية لاستضافة تظاهرات كبرى، وفي مقدمتها مونديال 2030 المشترك مع إسبانيا والبرتغال.

ويرى المحللون الرياضيون أن افتتاح المقر الإقليمي للفيفا بمدينة سلا يشكل لحظة تاريخية في مسار كرة القدم الإفريقية، ويكرّس المغرب كلاعب رئيسي ومرجع في إدارة اللعبة داخل القارة.

إنه الحدث الذي سيرسخ تحول المملكة من مجرد منافس رياضي إلى مركز قرار كروي عالمي، ويمنح القارة الإفريقية بأسرها فرصة أكبر للتأثير في صناعة كرة القدم على المستوى الدولي. 

 

*- المدير الناشر لوكالة الوئام الوطني للأنباء

 

أربعاء, 30/07/2025 - 09:42