احتجاجات السنغال تخاطر بقطاع الطاقة.. هل يتأثر مشروع تورتو أحميم؟ (تقرير)

الوئام الوطني ـ مع تصاعد الاحتجاجات السياسية في السنغال، وتحوّلها إلى العنف، أصبحت مشروعات الطاقة، وفي مقدمتها مشروع تورتو أحميم للغاز المسال، المشترك مع موريتانيا، على المحك، لا سيما مع توقعات حدوث هزة اقتصادية عنيفة في البلاد.

ويواجه المشروع الغازي المهم أزمة مستمرة منذ نحو عامين، إذ كان من المقرر بدء الإنتاج منه في أبريل/نيسان (2022)، إلّا أن التعقيدات المالية والإدارية -وكذلك السياسية- حالت دون انطلاقه في موعده، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

 

وقد تُجبر الأحداث المتصاعدة -حاليًا- السنغال على مخالفة التوقعات الأخيرة للخبراء، المتعلقة بتحقيق طفرة اقتصادية قوية، من وراء الخطوات الثابتة في مجال الطاقة، مع اقتراب خروج عدد من المشروعات إلى النور، وفي صدارتها مشروع تورتو أحميم للغاز.

واشتعلت الاحتجاجات في الدولة الأفريقية، في أعقاب إعلان تأجيل الانتخابات الرئاسية، التي بموجبها سيختار المواطنون رئيسهم الجديد، الأمر الذي ألقى بظلال قاتمة على المشهد السياسي، مع تحول الاحتجاجات إلى أعمال عنف، قد تعاني الدولة ويلاتها لمدة طويلة.

 

مشروعات الطاقة في السنغال

مع مساعي الدولة لتوجيه الاهتمام المباشر إلى مشروعات الطاقة، بهدف زيادة مردودات الدولة الاقتصادية، تستعد الحكومة لإصدار قانون جديد للموازنة، ستخصص بموجبه مزيدًا إيرادات صادرات النفط والغاز، بهدف الحفاظ على مستويات الإنفاق العام.

وبالتزامن مع ذلك، تسعى السنغال إلى التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، على الرغم من أن توقعات الخبراء تشير إلى أن إنتاج البلاد من النفط والغاز، من شأنه تعزيز اقتصاد البلاد في السنوات المقبلة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وكان المحللون قد توقّعوا ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى 10.6% خلال العام الجاري 2024، و7.4% في العام المقبل 2025، وذلك على خلفية توقعات نمو إنتاج البلاد من النفط والغاز بنحو 5%، ولكن يبدو أن الارتباك السياسي الحالي قد يدفع البلاد إلى مسار مختلفة.

وإلى جانب مشروع تورتو أحميم للغاز، المشترك بين السنغال وموريتانيا، هناك مشروعات أخرى يمكن أن تكون في مرمى التهديدات السياسية مع تحول الاحتجاجات إلى العنف، ومن بينها مشروع تطوير حقل سانغومار -مشروع النفط البحري الافتتاحي.

ومن المنتظر بدء إنتاج النفط الأول من هذا المشروع المهم، في منتصف العام الجاري 2024، بحسب ما نشرته منصة الاستثمار في قطاع الطاقة الأفريقي إنرجي كابيتال آند باور (Energy Capital & Power).

حقل سانغومار النفطي في السنغال - الصورة من إنرجي كابيتال آند باور

وتُشغّل هذا المشروع شركة وود سايد إنرجي الأسترالية (Woodside Energy)، التي من المقرر أن تعمل على معالجة نحو 100 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، وذلك من خلال منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة ليوبولد سيدار سينغور، الآبار تحت سطح البحر.

مشروع تورتو أحميم للغاز

مع تحول الاحتجاجات السياسية إلى شكل أكثر تطرفًا، يهدد بتعطيل المشروعات الكبرى، مثل مشروع تورتو أحميم للغاز المشترك بين السنغال وموريتانيا، تتصاعد المخاوف بشكل تأثير تأجيل الانتخابات في قطاع الطاقة في البلاد عمومًا.

ويعاني مشروع الغاز المشترك في الأساس من التأخيرات المتتالية، التي يحاول البلَدان تجاوز أسبابها، إذ إنهما اتخذا في 19 يناير/كانون الثاني الماضي 2024، قرارًا عاجلًا، بشأن الحقل، الذي يتطلع إلى بدء الإنتاج خلال الربع الثالث من العام الجاري.

وقررت كل من السنغال وموريتانيا إجراء تدقيق مالي لتكاليف المشروع، بجانب وضع نظام جديد للمتابعة الدقيقة، بعدما تأخَّر بدء الإنتاج من المشروع قرابة عامين، إذ كان من المنتظر بدء الإنتاج في أبريل/نيسان 2022، إلّا أنه واجه تحديات أدت إلى تأجيله، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

 

ومن المنتظر تطوير مشروع تورتو أحميم للغاز، بإنتاج الغاز من نظام تحت سطح البحر بالمياه العميقة، وسفينة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة بمنتصف المياه، والتي ستتولى المعالجة وإزالة المكونات الهيدروكربونية الأثقل، قبل نقل الغاز بعد ذلك إلى منشأة الغاز المسال العائمة.

وكان وزير البترول الموريتاني قد أشار إلى تناسق الجهود بين البلدين في مجال تطوير حقل تورتو أحميم للغاز، بصفته مشروعًا حيويًا وإستراتيجيًا للبلدين، مشيرًا إلى وضع جميع الوسائل اللازمة، ومن بينها وضع نظام فني وضريبي مشترك لتطوير المشروع.

ويشدد البلَدان على عزمهما إنجاح المشروع المشترك بينهما بكل الطرق، وضمان حقوق المتعاقدين، والحفاظ على مصالحهما المشتركة، فيما يخص إنتاج الغاز من المشروع، مع الحفاظ على اليقظة فيما يتعلق بالظروف التشغيلية والاقتصادية والمالية.

يشار إلى أن المرحلة الأولى من مشروع تورتو أحميم المشتركة بين السنغال وموريتانيا ستشهد إنتاج 2.5 مليون طن سنويًا من الغاز المسال، بينما سترتفع هذه الكميات إلى 5 ملايين طن سنويًا خلال المرحلة الثانية، وبعدها تصل إلى نحو 10 ملايين طن سنويًا، بانتهاء المرحلة الثالثة والأخيرة منه.

يُذكر أن الأحداث العنيفة التي تشهدها السنغال في الوقت الحالي، قد شهدت صدامات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، أسفرت عن سقوط جرحى وقتيلين، وذلك رفضًا لقرار تأجيل الانتخابات الرئاسية من 25 فبراير/شباط الجاري، إلى 15 ديسمبر كانون الأول 2024، الذي اتخذه الرئيس ماكي سال.

المصدر: الطاقة

اثنين, 12/02/2024 - 10:52