رئيس HAPA في مقابلة خاصة مع الوئام: البطاقة الصحفية ستعزز من انسيابية المهنة وحريتها (نص المقابلة)

الوئام الوطني- مقابلات: أكد الدكتور الحسين ولد مدو، رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية HAPA، أن مرسوم البطاقة الصحفية "سيعزز من انسيابية المهنة وحريتها"، مشيرا إلى أنه "سيضيف المزيد من الضمانات والتسهيلات لحاملي البطاقة المهنية الرسمية ويحول دون تحول الانسيابية إلى تسيب في المشهد الإعلامي".

وأضاف ولد مدو، في مقابلة شاملة خص بها وكالة الوئام الوطني للأنباء، أنه وفضلا عن قانون الصحفي المهني، "ثمة مشاريع قوانين تمت المصادقة عليها من طرف مجلس الوزراء، وهي موجودة على مستوى الجمعية الوطنية"، موضحا أن الأمر يتعلق بمراجعة القانون الناظم للمشهد السمعي البصري، وكذلك الشأن بالنسبة لقانون الصحافة الألكترونية، فضلا عن انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة بوضع المرسوم الخاص بالإذاعات والقنوات الجمعوية والذي ينتظر أن يتم إصداره قريبا، بحسب تعبيره.

 

نص المقابلة:

 

الوئام- أين وصل مشروع قانون الصحفي المهني، وما أهم بنوده؟

 

الدكتور الحسين/ بالنسبة لمشروع قانون الصحفي المهني، هو جزء من الترسانة الناظمة للحقل الإعلامي والتي تتنزل ضمن الإصلاح الإعلامي الذي تم إطلاقه بعد تشكيل رئيس الجمهورية للجنة العليا لإصلاح قطاع الإعلام، وصادق مجلس الوزراء على مشروع القانون خلال الأسابيع الماضية، ويوجد الآن على مستوى الجمعية الوطنية وينتظر أن التصديق عليه خلال فترة وجيزة، ولذلك هو جزء من كل. 

لقد سبقه تعديل القانون المؤسس للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، وهو ما يعزز المزيد من توسيع صلاحياتها لتشمل الجانب الرقمي، وتنويع وتوسيع الأبعاد التمثيلية للطيف المعارض في الجسم الصحفي، وستليه أيضا مجموعة من القوانين الناظمة والضابطة للحقل الإعلامي، ومنها أساسا قانون الدعم العمومي، وكذلك المراسيم المنبثقة عن هذه القوانين، سيما مرسوم البطاقة الصحفية الذي سيعزز من انسيابية المهنة وحريتها، وسيضيف المزيد من الضمانات والتسهيلات لحاملي البطاقة المهنية الرسمية ويحول دون تحول الانسيابية إلى تسيب في المشهد الإعلامي.

إضافة إلى قانون الصحفي المهني، ثمة مشاريع قوانين تمت المصادقة عليها من طرف مجلس الوزراء، وهي موجودة على مستوى الجمعية الوطنية. 

يتعلق الأمر بمراجعة القانون الناظم للمشهد السمعي البصري، وكذلك الشأن بالنسبة لقانون الصحافة الألكترونية، فضلا عن انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة بوضع المرسوم الخاص بالإذاعات والقنوات الجمعوية والذي ينتظر أن يتم إصداره قريبا.

 

الوئام- بعد إجازة توسيع صلاحيات السلطة العليا.. كيف يبدو اليوم ضبط المشهد الإعلامي؟

 

الدكتور الحسين مدو/ تعديل القانون المؤسس للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية سمح، كما قلت، بتوسيع صلاحيات هذه السلطة وهذه الهيئة المكلفة بالضبط الإعلامي. 

صحيح أنه قدم لها مكاسب متعددة من خلال توسيع الصلاحيات، لتشمل، إضافة إلى الجانب السمعي والبصري والمكتوب، الجانب الرقمي، وهو مكسب مهم، ولكن بقدر ما يوفره من فرص، فهو يطرح المزيد من التحديات بالنسبة لهيئة الضبط، لأننا لم نعد نقتصر فقط على المجال السمعي البصري الذي نمتلك أدوات لرصده ولضبطه ولترشيده وللتعاطي معه، وإنما أضيف إليها مجال واسع آخر، وهو المرتبط بالمجال الرقمي. 

لقد بات من الواجب علينا، كهيئة ضبط، أن نعمد إلى تحيين وسائلنا وأدواتنا لتتكيف مع هذا المعطى الجديد، ومع هذا الفضاء الرحب بكل ما يفرضه من حرية ومن انفتاح، وبكل ما يقتضيه أيضا من متطلبات حؤول دون الانزلاق إلى مستوى تهديد الحرية وكسب الحرية في حد ذاته. 

لذلك، تعززت آليات الضبط، إن على المستوى البشري، أو على المستوى اللوجستي. 

وعلى المستوى الأخير نعمل على اقتناء جهاز خاص بوسائل التواصل الاجتماعي يسمح بعملية تحصيل مجمل ما يتم نشره عن موريتانيا في هذا الفضاء الواسع، سواء من طرف موريتانيين أو من غيرهم، وتسمح عملية الضبط هذه بوجود قاعدة بيانات تسمح لنا بالمتابعة الدائمة من أجل مواجهة الاختلالات التي قد تحدث، ومن أجل تأمين تدفق حر للمحتويات والمخرجات الإعلامية. 

لذلك، فهو مكسب كبير أن توسع صلاحيات السلطة العليا لتشمل المجال الرقمي، ولكنه يضعها أمام تحديات جديدة تتطلب منها تكييف الأدوات والوسائل التي بحوزتها من أجل مواكبة وتأمين التعاطي الأمثل والمعالجة الأنسب لكل ما يفرضه العالم الرقمي من تحديات الضبط.

 

الوئام- ما الذي سيضيفه بناء مقر جديد للسلطة، وكيف سيساعد في الدفع ببرامجكم المستقبلية؟

 

الدكتور الحسين مدو/ بناء مقر جديد للسلطة العليا، كما تعلمون، أشرف فخامة رئيس الجمهورية، خلال الاحتفالات المخلدة للذكرى ال63 لعيد الاستقلال الوطني، على وضع حجره الأساس لبناء مقر جديد ملائم وفي مكان مناسب وسط العاصمة، وهو ما يعكس درجة من الاهتمام المتواصل من طرفه لتقديم المزيد من التمكين للهيئات المؤسسية وهيئات الضبط الإعلامي ضمن مسار الإصلاح الإعلامي. 

هو مقر يتوفر على 44 مكتبا وبدأ العمل به قبل أكثر من شهرين وينتظر أن ينتهي العمل فيه خلال 15 شهرا تقريبا، وسيؤمن المزيد من تسهيل عمل السلطة، والمزيد من الإيمان بالمؤسسية أيضا من خلال توفير مقر ظائم وملائم، وسيتضمن عدة أجنحة، منها الجناح التقني الفني، وسيشمل الجوانب الرقمية ووسائل ومعدات الضبط، وكذلك الجناح الإداري، فضلا عن الفضاءات المرتبطة بالندوات التي تنظمها السلطة، والمسار التكويني الذي تشرف عليه لصالح الصحفيين، وهي أمور ستتوفر ضمن هذا المقر الجديد، الذي نعتبره خطوة مهمة في إطار التمكين للمؤسسية ولمؤسسات الدولة القائمة على ضبط المشهد الإعلامي وتأمين الحريات الفسيحة للمواطنين ولمستخدمي الفضاء الرقمي بشكل عام.

 

الوئام- لاحظ المراقبون مؤخرا، نشاطا مكثفا للسلطة على مستوى علاقاتها الخارجية.. ما الذي ستحققه الزيارات التي قام بها نظراؤكم لنواكشوط في مجالات الشراكة، وخاصة التكوين؟

 

الدكتور الحسين مدو/ كما تعلمون فمسار السلطة هو مسار تراكمي، يسهم كل طرف فيه بسهم، كما يقال، بمعنى أنه منذ تأسيسها سنة 2006 وهي تشهد تجذرا وتراكما للتجارب، سواء في عملية التشبيك مع الهيئات النظيرة على المستوى العالمي، أو سواء على مستوى عملية تجذير الفعل الديمقراطي والتعددية والحزبية والتنوع داخل المشهد الإعلامي ومخرجاته في بلادنا، ومؤثرا هنالك ديناميكية مشهودة في ما يرتبط بعملية التشبيك مع الهيئات النظيرة على مستوى العالم، بدأت بزيارة رئيس هيئة الاتصال الرقمي والسمعي البصري الفرنسي إلى بلادنا، ثم تواصلت مع زيارة رئيس المجلس للاتصال في السنغال، وانتهت الأسبوع الماضي بزيارة رئيسة HAKA المغربية، فضلا عن تنظيم الملتقيات الدولية الكبيرة المرتبطة بهيئات الضبط ووسائل الاتصال السمعي البصري لفرانكفونية في مؤتمرها الدولي ما قبل شهر من الآن، وفي هذا الشأن يجري الاستعداد لعقد مؤتمر دولي مع كل هيئات الضبط الافريقية المنضوية تحت شبكة هيئات الاتصال الافريقية، والذي ستحتضنه العاصمة نواكشوط، وسيكون موضوعه هذه السنة "الضبط والانتخابات"، في إشارة إلى أهمية تحيين الأدوات المستخدمة من طرف هيئات الضبط لتضمن تأمين نفاذ شامل وسهل بالنسبة لكل الفاعلين والمترشحين السياسيين إلى مسار الانتخابات، والنظر إلى الانتخابات كمسار لإعلاء قيم التعددية والتنوع والديمقراطية والحرية. 

كيف نوفق في عملية تأمين إطلاع هيئات الضبط بأدوارها، ليس فقط في فترات خارج الانتخابات، وإنما أيضا في الفترات الانتخابية؟، وهذا ما جعلنا نختار أن يكون موضوع الملتقى المقبل، الذي سوف ينعقد في نواكشوط بعد شهرين من الآن، هو "الضبط والانتخابات" بمشاركة كل هيئات الضبط الافريقية. 

كما تعرفون، فقد توجت كل الزيارات التي قيم بها من طرف نظرائنا، بتوقيع اتفاقيات يؤمل أن تسهم في المزيد من تكوين الصحفيين، ولكن كذلك الأطر القائمون على هيئات الضبط في بلادنا، كتمكينهم من الأدوات والآليات المحينة والكفيلة بتأدية مهامهم الضبطية في المجال الإعلامي، وإفساح فضاءات الحرية أمام مستخدمي وسائل الإعلام السمعية البصرية، لذلك نعول كثيرا على أن هذا التشبيك وهذه العلاقات القائمة بين هيئاتنا، ونحن أعضاء أصيلون في هيئات الضبط الافريقية والافرانكفونية والاسلامية والمتوسطية، يؤمل ان تكون لها انعكاسات كبيرة، ليس فقط على مستوى اطلاع السلطة بمهامها، وإنما أيضا استفادة الصحفيين وتبادل التجارب هيئاتنا ونظيراتها في مختلف بلدان العالم، والشأن ذاته بالنسبة للهيئات المكلفة بمواجهة التدفق الإعلامي بصفة عامةومساءلة المفردات الإعلامية، كما هو الحال بالنسبة لليونيسكو وغيرها من المنظمات الأممية المهتمة بالشأن الإعلامي.

 

الوئام- بعد استقبالكم أول أمس لرئيس اللجنة المستقلة للانتخابات.. هل بدأتم التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة في جوانب ضبط النشر والبث وتكافئ فرص المرشحين في وسائل الإعلام؟

 

الدكتور الحسين مدو/ ثمة تقاطع كبير في الصلاحيات المسندة إلى اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وتلك المسندة إلى السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية.. هم يعمدون إلى السهر والإشراف على التنظيم المادي للانتخابات، ونحن نكلف بتأمين النفاذ العادل لمختلف المترشحين والأحزاب السياسية إلى وسائل الإعلام العمومية وإلى تأمين حياد وموضوعية مخرجات وسائل الإعلام العمومية والخاصة. 

كانت لنا تجارب تتجذر بشكل دوري في الانتخابات الماضية، ومنذ سنة 2006 وحتى الآن، فقبل أشهر من الآن أشرفنا على تنظيم هذا النفاذ العادل لمختلف المرشحين، بمعدل 429 حصة مجانية في وسائل الإعلام العمومية، وعادة ما يبدأ مسار عملية التوزيع هذه بالحصص المجانية، أو النفاذ الشامل للبرامج، بمسار تشاوري مع الإعلاميين في الإعلام العمومي والخاص، ومع المترشحين وممثلي الأحزاب السياسية، الذين يجتمعون مع السلطة العليا ومع الشركاء، كاللجنة المستقلة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، من اجل وضع الخطة المناسبة والملائمة لتحقيق المزيد من تمكين كل المرشحين من نفاذ عادل إلى وسائل الإعلام، وتم تجريب ذلك خلال كل الدورات الماضية، بما فيها الانتخابات النيابية والجهوية والبلدية الأخيرة، ويجري العمل على استخلاص الدروس من كل النواقص الاي قد تحصل، ولكن أيضا لتعزيز المكاسب التي تحققت خلال المرحلة الماضية، والتي حظيت برضى الكثير من الفاعلين السياسيين والمترشحين، بما أمنته السلطة العليا من انسيابية للمعلومة ومن تأمين فرص متساوية أمام مختلف المرشحين، وفي هذا يتنزل استقبالنا لرئيس اللجنة المستقلة للانتخابات، من أجل التنسيق والتحضير الأمثل للاستحقاق الرئاسي المقرر تنظيمه في شهر يونيو المقبل، وأنا من الذين يعتقدون أن أدوارا مختلفة يجب أن تضطلع بها السلطة العليا في هذا المجال، ليس فقط في مواجهة المرشحين والأحزاب السياسية، وإنما أيضا في الاضطلاع بمسؤوليات التثقيف الانتخابي والتهذيب المواطني والتكوين الصحفي، حتى ينظر إلى العملية الانتخابية لكونها عرسا ديمقراطيا لإعلاء قيم التنافسية الإيجابية والتعددية والحرية بصفة عامة، وألا يكتفي الصحفي في النهاية بعملية تسجيل للبعد الحدثي أو الخبري للمسار، والاكتفاء بما يعرف بعملية متابعة سباق الخيول، بمعنى أن تتوقف وسيلة الإعلام في انتظار نهاية السباق ومعرفة الفائز الأول، فالعملية أعمق من ذلك وأشمل. 

أنظر إلى العملية كفرصة لإعلاء مفاهيم الحوار البناء وتبصير المواطن وتنويره، ليس فقط في البعد الإجرائي للعملية الانتخابية، وإنما تمكينه من إزاحة كل الضغوط التي يمكن أن تمارس عليه حتى يأتي إلى يوم الاقتراع وقد وصل إلى قناعته بأن يصوت بحرية وببصيرة وعم تبصر وعن وعي.. هذه اشكالات لا ترتبط فقط بالمفاهيم الاجرائية، وإنما يضطلع فيها الإعلام بدور كبير، في عملية تثقيف المواطن، تهذيبه، تثقيفه انتخابيا، تهذيبه مواطنيا، وأيضا في عملية إفساح المجال للنقاش البناء بالنسبة لكل المرشحين حتى يتمكن المواطن من أن يختار أو أن يعرب عن إرادته السيدة بكل حرية وبعيدا عن أي ضغط. 

ثمة بعد آخر أشمل، وهو ألا ننظر إلى العملية الانتخابية كيوم اقتراع، فيوم الاقتراع هو حوصلة لمسار سابق من الخطوات يتعين تغطيتها وتقويمها بما يشمل وصولنا إلى يوم الاقتراع وقد أمنا كل الخطوات السابقة عليه بمزيد من القيم التشاركية والديمقراطية، وقيم التعدد والتنوع، وغيرها، ولذلك فدور السلطة العليا لا يقتصر فقط على عملية تأمين فضاءات متساوية بالنسبة للمترشحين، ولا تعميق أو الدفع بوسائل الإعلام العمومية والخصوصية إلى إدارة الحوار والابتعاد عن الأداتية، وإنما كذلك تمكين الصحفيين من الاضطلاع بواجباتهم لتنوير وتثفيف المواطن وإعلاء قيم الحوار والنقاش.

 

الوئام- ما هي الجهود التي تقوم بها السلطة العليا لحصر دعم الصحافة العمومي لصالح المؤسسات التي تستوفي شروطه بشكل فعلي؟.

 

الدكتور الحسين مدو/ هذا إشكال قديم متجدد.. فالدعم العمومي، كما تعلمون، تمت زيادته أو مضاعفته خلال السنوات الثلاث الأخيرة ليصل هذا السنة إلى الضعف (من 200 مليون أوقية قديمة إلى قرابة 400 مليون)، وذلك تطبيقا لالتزام سابق من رئيس الجمهورية بمضاعفته بحلول سنة 2024.

ويتوزع دعم الصحافة بين الدعم المباشر وتكوين الصحفيين وإعلاء قيم التميز الصحفي من خلال منح الجوائز السنوية، وكذلك الدعم الاجتماعي للمرضى الصحفيين ولأسر المتوفين منهم، وهي مجموعة من الإجراءات التي يتم توزيع المبلغ عليها، والتعديلات الأخيرة ستضيف المزيد من الموارد لهذا الصندوق، زيادة على أنه من المهم جدا ألا تستفيد إلا المؤسسات المعنية بذلك، وهذا ما وقع. 

في السنوات الماضية كان، في الغالب، يتم توزيع الدعم دون بوصلة حقيقية لعملية التقييم، والآن، وبفضل المسوحات التي نقوم بها، أصبحنا أمام تقييم عملي وفعلي لكل هذه المؤسسات الموجودة، من النواحي الضريبية، بمعنى الوفاء بالالتزامات المالية، وهذا مرجعه إدارة الضرائب، وتحديد الرقم الضريبي للمستفيد، وثمة مساءلة أخرى مرتبطة بنوعية الصحفيين المهنيين العاملين داخل كل مؤسسة ووسائلها اللوجستية والبشرية الموجودة لديها، وهذا تضطلع به السلطة العليا، وثمة أبعاد أخرى مرتبطة بالمطبعة الوطنية، حول مدى انتظام صدور الصحف. 

مجمل هذه المعايير تم حوصلتها وتعمل اللجنة إلى عملية توزيع المبالغ انطلاقا من تلك المعايير، وتفتح أبواب الطعون أمام كل من رأى أنه تعرض لظلم، فيتقدم بمبررات جديدة لاستعادة حقوقه. 

عمونا مسار مطرد نحو المزيد من تأمين ان المال العمومي المرتبط بصندوق دعم الصحافة، ألا يتوجه إلا إلى ما رصد له ووضع له أصلا، وهو دعم الصحافة، وهو اضطلعت به اللجنة خلال السنوات الماضية بكل شفافية وبكل وضوح أيضا، وأعتقد أن الترسانة القانونية الجديدة، سيما فيما يرتبط بقانون الصحفي المهني والبطاقة الصحفية، ستعزز من الانسيابية والضبط في آليات من سيستفيد ومن هو الصحفي، وهو التحديد الأنجع لطبيعة الصحفي وطبيعة المؤسسة الصحفية. 

 

الوئام- استثمرت السلطة العليا كثيرا في مجال تكوين الصحفيين.. هل تعتقدون أن جيلا جديدا من الصحافة بات التعويل عليه ممكنا لإعادة المهنة إلى رشدها؟

 

الدكتور الحسين مدو/ كما تعرفون، المهنة الصحفية مهما بذلنا من الجهود التي نقوم بها في مجال التكوين، تبقى مهنة تحتاج إلى تحيين دائم لكفاءات القائمين عليه، فهو مسار يتطور بشكل مستمر ويتطلب المواكبة الدائمة أيضا في التكوين وفي تحيين المعارف والخبرات، ولذلك تقوم السلطة العليا بجهود كبيرة في مجال التكوين تشمل، سواء المستجدات المهنية، أو تعزيز كفاءة الصحفيين في المجال المهني أيا كانت الوسائل التي يستخدمها، سمعية، بصرية، أو مكتوبة، وكذلك الذاتية الثقافية عبر الاهتمام باللغات الوطنية. 

ورغم أنه تم إدماج كل الأنشطة التكوينية تحت سلطة السلطة العليا بشكل دائم، وهذا جزء من صلاحياتها أيضا، إلا أننا نعتقد انه من الضروري المزيد من تأطير هذه الجهود بالوسائل التقنية اللازمة والبشرية الكافية من احل تأمين تكوين مستمر ومتواصل، وأن يعهد بذلك التكوين إلى الهيئات المتخصصة كذلك، سيما المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، وأعتقد الآن أن السلطات العمومية هي طور العمل على إيجاد بنية قارة ومستديمة للتكوين في إطار مشاريعها المرتبطة بالمدينة الإعلامية وبدار الصحافة، وأملنا كبير في أن تثمر هذه الجهود التي يقام بها في الوقت الحالي من إيجاد بنية دائمة لهذا التكوين تؤمن تحيين وتحسين معارف الصحفيين بشكل مستديم، فمن نكونهم اليوم مثلا هم بحاجة إلى تكوين محين أيضا، نظرا للتطور المتسارع والمذهل لتقنيات الإعلام والاتصال، وللتقنيات والحرف المستخدمة في مجال الصحافة بصفة عامة، لذلك فتعويلنا كبير على ان كل الجهود التي نقوم بها، قد لا تشكل إلا جزءا بسيطا من حجم الاستجابة لانتظارات الصحفيين، ولانتظارات المواطن في النهاية، لأننا ندعم الصحفيين في التكوين من أجل تحسين العرض المقدم للمواطن، الذي يربطنا به عقد متين أصيل ودائم بالمزيد من توفير إعلام متنوع نوعي ومتعدد لصالحه.

 

الوئام- هل لدى السلطة خطة مستقبلية تستهدف استعادة ثقة الرأي العام في العمل الصحفي الجاد بعد عقود التشويه والاختطاف من قبل الأدعياء؟

 

الدكتور الحسين مدو/ استعادة الثقة وبناؤها مسار متراكم من عدة خطوات، يتداخل فيه البعد الذاتي مع الأبعاد الموضوعية، فثمة سياق يشجع على هذا المسار، وثمة مواضيع أو دوافع ذاتية أيضا تتدخل فيها دائرة تكوين الصحفيين، ولذلك أعتقد أننا عندما نعمد إلى مزيد من تكوين الصحفيين على الممارسات المهنية السليمة، وعلى تحيين وتحسين معافهم، وبالمقابل ما يعرف بالتثقيف على وسائل الاعلام بالنسية للمواطنين، بمعنى أن نضطلع بدور تكويني للاعلاميين وللمواطنين، سنعمل بذلك على بناء المزيد من ثقة المواطن في الإعلام، استعادة او تأسيسا، لأن هذه الثقة تتهدها مخاطر متعددة، فنحن أمام دفق إعلامي متنوع، فالصحفيون والصحفيات التقليديون الذين كانوا يؤمنون عملية انتقال هذه الحرفة، بات يقاسمهم فيها شركاء متشاكسون توفروا بفعل التقنية الجديدة على أدوات حولتهم إلى موفري معلومات دون كبير غربلة ولا كثير تمحيص، لذلك من آكد الواجبات أن نعمل، ليس على التضييق على هؤلاء، وإنما ترشيد عملهم وإفساح الحريات لهم، ولكن بالضبط والترشيد، وأن نؤمن أيضا المزيد من حرفية هؤلاء الفاعلين الإعلاميين المهنيين حتى يواجهوا هذا الدفق غير المغربل، وحتى يؤمنوا للمستقبل المواطن، أو لمستهلك هذه المادة الإعلامية عموما، أن بإمكانه أن يلجأ إلى فضاءات أكثر أمانا وأكثر صدقية وأكثر ثقة بتقديم المعلومة وغربلتها وفي تدقيق وتمحيص هذا الدفق الإعلامي المقدم له، وبذلك فأنا متفائل أننا إن توفرنا على المزيد من تعزيز البعد التكويني للإعلاميين، وتقديم درجة من التدقيق على مستوى وسائل الإعلام بالنسبة للمواطنين، سنكون في مواجهة إمكانية بناء الثقة بين الطرفين، فالمواطن مفرط الحساسية حول ما يتلقاه، ونغرقه يوميا في دفق إعلامي متواصل، لا يملك حتى الوقت لعملية التدقيق فيها، ولا قدرة لمواجهة المعلومة إلا بالمعلومة، فالمعلومة المزيفة الكاذبة لن تدحضها إلا بتوفير المعلومة الصحيحة من مصادرها الموثوقة، بمعنى ان توفر عرضا فنيا وإعلاميا مناهضا لما يتم تقديمه، فلا وجود لانغلاق ولا لانحسار ولا لتضييق، فنحن أمام فضاءات مفتوحة غايتها الأولى تمكين المواطن من تنويع العرض المقدم إليه، زغاية المهنيين والحرفيين هو أن يوفروا معلومات ذات صدقية وذات الثقة مقابل هذا الدفق الكبير حتى تخور هذه المعلومات الضعيفة بما تفرضه من بث للأخبار الكاذبة، أو بث لروح الكراهية، أو من مساس بأخلاقيات المهنة، حتى لا تغرقنا في النهاية، وإننا يكون أمام المواطن عروض نوعية مهنية ممن امتلكوا، ليس فقط الإرادة لتوفير المعلومة الصادقة، وإنما أيضا الآليات بفعل التكوين والتمكين التي تجعلهم قادرين على توفير هذه المعلومة.

بامكانكمً متابعة المقابلة عبر قناة الوئام تيفي في الفيديو التالي :

سبت, 27/01/2024 - 19:52