خطاب الوفاء.. رئيس الجمهورية يُحوِّل التعهدات الانتخابية إلى إنجازات ملموسة/ إسماعيل ولد الرباني

يستحق الخطاب الذي ألقاه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ العزواني، مساء اليوم الاثنين بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لعيد الاستقلال الوطني، التسمية بخطاب الوفاء، حيث استعرض فيه مختلف جوانب الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع بعد أن كانت مجرد تعهدات تضمنها برنامجه الانتخابي " تعهداتي " قبل أربعة أعوام.

لم تكن هذه الفترة الوجيزة مجرد قوس زمني طبيعي، كما الفترات السابقة، حيث تخللتها العديد من التحديات الكبرى التي عصفت بالاقتصاد العالمي وخلفت انعكاسات سلبية أثرت بشكل عميق في الوضع المعيشي لمختلف بلدان المعمورة، بدءا بجائحة كوفيد-19، التي أثرت سلبا في قطاعات التشغيل والتجارة والسياحة، ودمرت الكثير من المنظومات الصحية عبر العالم.. وانتهاء بالتداعيات الكارثية للحرب الروسية على أوكرانيا، خاصة في مجالي الغذاء والطاقة.

ورغم كل تلك التحديات، تمكنت موريتانيا من الخروج الآمن، حيث التزمت الحكومة بتوجيهات وتعليمات رئيس الجمهورية التي أنقذت البلد وأوصلته لبر الأمان. 

وأكد ولد الشيخ الغزواني، في خطابه بمناسبة ذكرى الاستقلال، أن ما وصفها بالخيارات الاقتصادية الصائبة "أفضت إلى تعافي الاقتصاد الوطني وخروجه بأخف الأضرار من تداعيات أزمة كورونا والحرب الروسية– الأوكرانية". 

وأضاف أن معدل نمو الناتج الداخلي الخام بلغ 6.4 بالمائة، خلال سنة 2022، ومن المتوقع أن يصل 6.8 بالمائة، السنة المقبلة، منبها إلى أن الإصلاحات "مكنت من المحافظة على التوازنات الاقتصادية الكبرى، وكذلك من تحسين مستوى النفاذ، كما وكيفا، إلى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتعليم وصحة".

وأشار رئيس الجمهورية إلى أن الوضع الاقتصادي للبلد "مريح تتوازن فيه المؤشرات الكبرى، وتدعمه ثقة عالية لدى الشركاء"، مضيفا أن فرص الاقتصاد الوطني متنوعة وتدعمها مشاريع كبرى قيد الإنجاز وقرب تصدير ثروة الغاز.

وفي مجال الانفتاح ونبذ الاحتقان، الذي مثل السمة الأبرز لحكم الرئيس محمد ولد الغزواني، أوضح أن حكومته "اتخذت من الانفتاح على الجميع، والحوار والتشاور، خيارا استراتيجيا في مقاربتها للشأن العام"، مشيرا إلى أن هذا الانفتاح "مكننا من ترسيخ مبدأ أولوية الاتفاق على الأساسيات وضرورة إبقاء الاختلاف والتباين في إطار عام من المسؤولية والاحترام". 

انفتاح تعهد به في خطاب إعلان الترشح قبل نحو خمسة أعوام، وأكده في خطاب التنصيب، ومارسه داخل القصر الرئاسي وفي كل المناسبات، فانحسرت دعوات التفرقة، وتراجعت الجرائم العدائية، وتداعى الطيف السياسي للمشاركة في حمل الهم الوطني دونما تقاعس، وهذا الأخير هو ما جعل رئيس الجمهوية يشيد بتمكن الانفتاح من تهدئة الحياة السياسية بفضل "ما أبنتم عنه جميعا، وخاصة القوى السياسية، من تجاوب واستعداد لتجاوز ما كان يطبع ساحتنا السياسية من حاد التأزم ودائم التوتر"، على حد تعبيره.

لقد ساهم خيار التهدئة، بشكل كبير وملاحظ، في تعزيز لحمتنا الاجتماعية، ووحدتنا الوطنية، ومن ثم في المساعدة على تجاوز الأزمات الهدامة التي عرفها العالم مؤخرا بأقل الضرر الممكن.

الانفتاح مكن كذلك، من خلال التشاور بين مختلف القوى السياسية، من تنظيم انتخابات تشريعية، وجهوية وبلدية على أساس توافقي تام، على قواعدها وأسس تسييرها، في ظل حرص رئيس الجمهورية على إشراك الجميع في تدبير الشأن العام، "فرسخنا اللامركزية وعززنا النسبية توسيعا لقاعدة التمثيل، وأنشأنا لائحة انتخابية جديدة دعما لتمثيل الشباب وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، تكريسا للانصاف ورفضا للتهميش والغبن والإقصاء"، كما ورد في خطاب رئيس الجمهورية.

وكما هو معلوم للجميع، فقد رسخت الحكومة الموريتانية، الحريات الفردية والجماعية، وأعلنت الحرب على الصور الاجتماعية النمطية السلبية، في حين حاربت كافة المسلكيات التي تناقض حقوق الإنسان، فجرى العمل على تنفيذ الخطة الوطنية لمحاربة الإتجار بالأشخاص، وسن الترسانة القانونية الملائمة لذلك، واعتماد خارطة طريق لمواءمة القوانين مع المعاهدات الدولية المصادق عليها في هذا الإطار، وتقوية قدرات منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان.

وبالمختصر المفيد، فقد مثل خطاب رئيس الجمهورية فرصة لاستعراض الإنجازات الكبرى التي تحققت خلال السنوات الأربع الأخيرة، وبالأرقام الدقيقة التي لا تقبل التشكيك.

 

ثلاثاء, 28/11/2023 - 01:07