أفضل الأعمال في رمضان

 
الوئام الوطتي : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.    
وبعد.. 
فإن الله عز وجل يخلق ما يشاء من مخلوقاته، ويختار من كل خلق أفضلَه وأكملَه. 
اختار من الملائكة المقربين، ومن الناس الرسلَ والنبيين. 
واختار من السماوات السابعةَ، فجعلها مقر المقربين من ملائكته، والأقرب إلى كرسيه وعرشه. 
واختار من البقاع والأمكنة أشرفَها كالمساجد، ومكةَ المكرمة فخصها بما خصها به. 
واختار من الأزمنة أفضلَها كيوم الجمعة، ويومِ عرفة، وليلةِ القدر. 
وأفضلُ الشهور التي اختارها سبحانه وتعالى شهر رمضان المبارك.  

ولما كانت عظمةُ الزمان والمكان تدل على عظمة أجر الأعمال الصالحة فيه، وكانت الأعمال كثيرة ومتنوعة، كان من المهم بيان أفضل الأعمال التي ينبغي أن ينشغل بها العبد في شهر رضمان المبارك. 
وهذا هو موضوع هذه الكلمة التي سوف نقتصر فيها على ذكر بعض من أفضل الأعمال في هذا الشهر الكريم، وهي:

1- الصيام   
الصيام من أفضل الأعمال عند الله تعالى سواء كان في رمضان أو غيره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله: كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم) متفق عليه.

ويزداد فضل الصوم إذا كان في شهر رمضان الذي اختصه الله تعالى بفرض صيامه على عباده. 

قال صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه. 
 
2- القيام  
قيام الليل من أفضل الأعمال، فقد أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {ومِن الليل فتهجَّدْ به نافلةً لكَ عسى أن يبعثَك ربُّك مقامًا محمودا} [الإسراء: 79]. 

ووصف به عباده الصالحين بقوله: {كانوا قليلا من الليل ما يَهجَعون} [الذاريات: 17]. 
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تَتَفطَّرَ قدَماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا!» متفق عليه.  
 
ويتأكد قيام الليل، ويزداد فضله في شهر رمضان،  فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.  

ويحصل قيام كلِّ ليلة بصلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف. 
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قام مع إمامه حتى ينصرِف كُتب له قيامُ ليلة) رواه أحمد والترمذي وصححه. 
 
3-  قراءة القرآن  
قراءة القرآن -في أي وقت- من أفضل الأعمال عند الله، فعن أبي أمامة -رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه) رواه مسلم.

ويزداد فضل قراءة القرآن في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فهو شهر القرآن بامتياز. 
ولذلك كان -صلى الله عليه وسلم- يخصص من وقته للقرآن ومدارسته في رمضان ما لا يخصص في غيره. 
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجوَدَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضانَ حين يَلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلَرَسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه.

4- الصدقة 
الصدقة من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى. 
قال تعالى: {مَثَلُ الذينَ يُنفِقونَ أَموَالَهمْ فِي سبيلِ اللهِ كمَثَلِ حبةٍ أَنبتَتْ سَبعَ سَنابِلَ فِي كلِّ سُنبلةٍ مِئةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَن يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَليمٌ} (البقرة/261).

ويزداد أجر الصدقة وفضلُها في شهر رمضان. 
ويدل عليه حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجوَدَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضانَ حين يَلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلَرَسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه.

ومن أفضل الصدقة في شهر رمضان تفطير الصائمين، فعن زيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنِيِّ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن فطَّر صائما كان له مثلُ أجرِه، غيْرَ أنه لا يَنقُصُ من أجرِ الصائمِ شيء) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وابن خزيمة وابن حبان، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

5-  الذكر
ذكر الله تعالى من أفضل القربات، وأجَل الطاعات. 
قال تعالى: {ولَذِكرُ اللهِ أكبَرُ} [العنكبوت: 45]، وقال تعالى: {فاذكروني أذكُرْكم} [البقرة: 152]، وقال تعالى: {واذكروا اللهَ كثيرا لعلكم تُفلِحون} [الجمعة: 10].
وعن أبي أمامةَ -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: 
(لَأَنْ أقعُدَ أذكرُ الله تعالى، وأكبرُه، وأحمدُه، وأسبحُه، وأهلِّلُه، حتى تطلع الشمس؛ أحب إلي من أن أعتق رقبتين من ولد إسماعيل، ومن بعد العصر حتى تَغرُب الشمس؛ أحب إلي من أن أعتِق أربع [رقابٍ] من ولد إسماعيل) رواه أحمد بإسناد حسن.

وتزداد أهمية الذكر وفضله وأجره في شهر رمضان.
 
6-  الدعاء 
الدعاء هو مُخ العبادة، وروحُها، بل هو العبادة نفسها. 
قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، وقال تعالى: {اُدعُوا ربَّكم تضَرُّعًا وخُفيةً إنه لا يحب المعتدين} [الأعراف: 55]. 

وللدعاء ارتباط وثيق بالصيام، ولذلك جاءت آية الدعاء بين آيات الصيام في سورة البقرة، فقال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أجيبُ دعوةَ الداعِ إذَا دَعَانِ} الآية [البقرة: 186].

وكان -صلى الله عليه وسلم- يدعو عند فِطرِه. 
وروى الترمذي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وحسَّنَه: (ثلاثٌ لا تُردُّ دعوتُهم: الصائمُ حتى يُفطِر، والإمامُ العادل، ودعوةُ المظلوم). 
ولذلك ينبغي الحرص على الدعاء والاجتهاد فيه في هذا الشهر الكريم. 
 
7-  صلةُ الرحم: 
مما ينبغي الحرص عليه في شهر رمضان وغيرِه صلةُ الرحم، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلْيُكْرِم ضيْفَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَصِلْ رحِمَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَقُلْ خيرا أو لِيَصمُتْ» متفق عليه. 

وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فَرَغَ منهم قامتِ الرحمُ فقالت: هذا مَقامُ العائذِ بك من القَطِيعة!، قال: نعم، أما ترضَينَ أن أَصِلَ من وصَلك، وأقطَعَ مَن قَطَعَك؟، قالت: بلى، قال: فذلكَ لكِ، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اقرؤوا إن شئتم: {فهَل عَسَيتُم إن تولَّيتم أن تُفسِدوا في الأرضِ وتُقَطِّعوا أرحامَكم * أولئكَ الذين لعَنَهمُ اللهُ فأصَمَّهم وأعمَى أبصارَهم} [محمد: 22 - 23]) متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: فقال الله تعالى: (مَن وصَلَكِ وصَلْتُه، ومن قَطَعَكِ قطَعتُه). 
 
8- العمرة 
من أفضل الأعمال في شهر رمضان العمرة، فعنِ ابنِ عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (عمرةٌ في رمضانَ تَعدِلُ حَجةً - أو حَجةً معي) متفق عليه.
 
وهنالك حجة وعمرة يومية ينبغي الحرص عليها، وعدم التفريط فيها، خاصة في هذا الشهر الكريم، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى الفجرَ في جماعةٍ ثم قَعدَ يَذكرُ اللهَ حتى تَطلُعَ الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجةٍ وعُمرة»، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تامَّةٍ تامَّةٍ تامَّة» رواه الترمذي، وحسَّنه الألباني. 
 
9- الاجتهاد في العشر الأواخر 
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشرُ أحيا الليل، وأيقظَ أهلَه، وجَدَّ وشَدَّ المِئْزَر) رواه مسلم. 
وقالت رضي الله عنها: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجتهدُ في العشرِ الأواخرِ ما لا يَجتهدُ في غيرِه) رواه مسلم.

10- الاعتكاف 
الاعتكاف سنة حافظ عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، فينبغي الحرص عليها في شهر رمضان. 
عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يَعتكفُ العشر الأواخرَ من رمضان، حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجُه من بعدِه) متفق عليه.  
  
11-  تَحَرِّي ليلةِ القدرِ وقيامُها 
ليلةُ القدر خير من ألف شهر، ومن فضلها أن القرآن نزل فيها. 
قال الله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر: 1]. 
وهي ليلة مباركة قال تعالى فيها: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [الدخان: 3] الآيات..

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتِسابا غُفر له ما تقدمَ من ذنبِه) متفق عليه.

وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابتُه يتَحَرَّونها بالقيام والاجتهاد في الطاعة.

تقبل الله صيامنا وصيامكم، وقيامنا وقيامكم، وضاعف لنا ولكم الأجر.

وكلَّ عام وأنتم بخير..

سبت, 01/04/2023 - 00:35