حكم الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية/ الفقيه الدكتور إبراهيم الكلي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه.

نعيش هذه الأيّام نهاية السنة الميلاديّة، وقد دأب كثيرٌ من أبناء المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة التي هي في الأصل تقليدٌ نصرانيٌّ ليس له ذكْرٌ في الأناجيل ولا التعاليم المسيحيّة، ويُصاحبُ هذه المناسبة في الكثير من بلاد المسلمين احتفالاتٌ، واحتشادٌ بالسيارات وصخَبٌ وضجيج واختلاطٌ محرَّم، مع بعض مظاهر التبذير والإسراف.. إلخ؛ وهذا كلُّه من المنكرات الشنيعة والمحرّمات في الإسلام التي يجب على المسلم الابتعادُ عنها.

إنّ مناسبات الفرح والاحتفال في الإسلام معروفةٌ معلومة أحكامُها وحِكَمُها ومقاصدُها، ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر" وفيها للمسلم كفايةٌ، وغنيةٌ عن الابتداع، والابتذال في التقليد الأعمى لغير المسلمين في شعائرهم، وفي تنكُّب الطريق القويم، قال الله تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعة من الأمر فاتَّبعها ولا تتّبع أهواء الذين لا يعلمون} [الجاثية: 18].

وإنّ من مقتضيات الإيمان مخالفةَ غير المسلمين في معتقداتهم وأعمالهم الدينيَّة، فذلك أمرٌ مقصود شرعا، وقد جاء في النصوص الصحيحة الصريحة الأمرُ بمخالفة المشركين والنهيُ عن التشبُّه بهم؛ فمن تشبَّه بقوم فهو منهم.

فعلى المسلمين أن يتجنَّبوا ما حرَّم الله عليهم، وأن يبتعدوا عمّا أجمع علماء الإسلام على منعه من احتفال المسلم بأعياد غير المسلمين، ومشاركتهم في مواسمهم وأفراحهم الدينية. 

هذا، ولا حرج على المسلم المخالط للمسيحيين في العمل أو الدراسة أو المجاورة في السكن أن يهنِّئَهم بمناسباتِهم بما لا يتضمَّنُ إقرارا لباطلٍ أو تصحيحا لمعتقَدٍ وأن يدعوَ لهم بالخير، فذلك من حسن الخلُق الذي علَّمنا الإسلامُ أن نعاملَ به الآخرين، فقد عامل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أهلَ الكتاب، وقبِل هداياهم، واشترى منهم ورهن لهم، واستعان بهم في السلم والحرب، وكان يعود مرضاهم ويردُّ الظلم عنهم، ويُعاملهم بالرفق واللين؛ روى البخاري في الأدَب المفرَد عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: "كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله فكان يقول: يَهديكم الله ويُصلِح بالَكُم.

 

جمعة, 30/12/2022 - 10:39