افتتاحية الوئام: هل بدأ العد التنازلي لمحاكمة القرن؟

الوئام الوطني : كان المشهد رهيبا حقا.. تسريبات التحقيقات مع المتهمين بالفساد في العشرية المنصرمة، أعطت الانطباع بأن المسار كان جديا، وبأنه ثمة أسباب مقنعة لمواصلته لأن أموالا طائلة تم تبديدها، ولأن أناسا عديدين أُثروا ثراء فاحشا على حساب مال الشعب ومصالحه.

لم تعد هناك فرصة للعودة إلى الوراء، فالعد التنازلي للمحاكمة التاريخية بدأ، لأن الرأي العام الوطني، بكل مكوناته، اطلع على عمق الجرح وفداحة التهمة: مليارات، شقق، طوابق، ساحات، قطع أرضية، سيارات فارهة، جرارات، حسابات منهوبة كلها من مال شعب مسكين لا يبلغ الخمسة ملايين نسمة، ويملك ثروات هائلة، ومع ذلك يعيش الفقر الدائم المستديم بسبب تلاعب ثلة من أبنائه بماله وبمصالحه الحيوية.

لقد أنهت التسريبات كل فرص التحليل والتخمين والتفنيد والتقييم والمرافعات الهامشية. إن علينا أن نستعد لمحاكمة القرن في بلاد إن لم تسترجع ممتلكاتها، يكون من حقنا أن نقول: وداعا للغد المشرق بالعدل والمساواة والإنصاف، وداعا للمستقبل الزاهر بقيم المواطنة الحقة، وداعا لبناء وطن يحترم شعبه ويرعى مصالحه ويذود عن ثرواته وأمواله وأملاكه.

لقد حاول الكثيرون أن يشككوا في صدقية هذا الملف المعقد، واعتبروه محاولة من الرئيس غزواني لتوريط ولد عبد العزيز، وأن الادعاءات مبالغ فيها. واليوم تأتي التسريبات لتؤكد أن الرئيس غزواني كان على حق عندما ترك العدالة تأخذ مجراها، دون تدخل، في هذا الملف لأنه اقتنع، منذ اللحظة الأولى، أن مصالح وطنية استراتيجية تم التلاعب بها، وأن البلاد افتقرت وانهارت بسبب حجم النهب الذي تعرضت له على يد النظام السابق وزبانيته وزبنائه ومقربيه وحاشيته.

إن علينا اليوم أن نشد على يد الرئيس غزواني وندعم سياساته الإصلاحية القائمة على محاربة الفساد والضرب بيد من فولاذ على المفسدين مهما كانت مواقعهم السابقة أو الحالية في هرم السلطة. إن محاكمة نهَبة المال العام ستكون الانطلاقة الفعلية لعملية الإصلاح التي بشّر بها الرئيس غزواني، كما أنها ستكون بمثابة إشارة الضوء الأحمر التي تمنع كل لص من التطاول مجددا على ثروات وأموال الشعب الموريتاني. فلتبدأ الرحلة العظيمة نحو العدالة والإصلاح وبناء فكر جديد شعاره "مصلحة موريتانيا فوق كل الاعتبارات". فمن غير المعقول أن تتحقق أماني رئيس الجمهورية في الإصرار على "عدم ترك أي أحد على قارعة الطريق" دون أن يستعيد الأموال التي من خلالها سيتمكن من انتشال المواطنين المساكين الواقفين على القارعة في انتظار الالتزام الفعلي بذلك التعهد الرئاسي الجميل.

اليوم، واليوم فقط، اقتنع الرأي العام الموريتاني أن ملف العشرية زاخر بالفساد المشين، وأن عمليات الفساد أثرت سلبيا في المشاريع التنموية، وحالت دون إنجاح أي سياسة تنحو للرفع من المستوى المعيشي للمواطنين، لأن المليارات والمليارات التي نهبت كان بإمكان الدولة أن تنجز بها آلاف المدارس والمستشفيات والطرق السريعة والجسور، وكان بإمكانها أن تقضي بها على الفقر والبطالة والتسرب المدرسي والجريمة والهجرة والتهريب. وإذا كنا نريد لبلادنا أن تقطع خطوة حاسمة إلى الأمام، فإن علينا أن ندعم نية النظام في القضاء على بؤر الفساد، ومعاقبة المفسدين، واسترجاع أموال الدولة وثروات الشعب.

 

 وكالة الوئام الوطني 

 

 

ثلاثاء, 07/06/2022 - 13:16