حزب الاتحاد من أجل الجمهورية "UPR " على السكة الصحيحة

وكالة الوئام الوطني - لم أكن أولي أي اهتمام لحزب الاتحاد من أجل الجمهوري، مهما كانت مسافتي منه. كنت لا أرى فيه حزبا بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل أرى فيه مجرد عصبة تقليدية تتجمع حول زعيم، تمجّده بما ليس فيه، ويرمي إليها بالفتات.

كان الاتحاد من أجل الجمهورية بوتقة أريد لها أن تكون خزانا ينصهر فيه المتملقون والخائفون والزفانون والقبائل والجهات، بالإضافة إلى مجموعة من الغوغاء تقف عند المدخل لإنشاد المدائح المطولة، بأصوات غير رخيمة، عند نعليْ كل مسؤول يدخل مقر الحزب لسبب أو لآخر. كان الحزب يبارك تلك الغوغاء ويدفع لها من خزينته، محولا صورته عند الرأي العام إلى مكب لنفايات السياسة والأخلاق.

اليوم، دخلت مقر الاتحاد من أجل الجمهورية مدفوعا بمسوغين اثنين: أحدهما لأرى مدى مواكبته لعهد الانفتاح والإصلاح الذي دشنه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والآخر لألبي دعوة من قيادته الجديدة. ورغم أنه لم يكن لي حظ من الاستقبال بفعل أجندة رئيسه المزدحمة بالاستقبالات، فقد خرجت بمجموعة من الملاحظات:

·       لم أشاهد عند مدخل الحزب صفوف الغوغائيين المطبلين، المادحين والشاتمين، وهو ما يبشر بنوع من الجدية كان غائبا إلى وقت قريب.

·       رأيت نوابا برلمانيين يدخلون على رئيس الحزب السيد سيدي محمد ولد الطالب أعمر ويخرجون في مواعيد منتظمة تشي بأن هناك ما يناقش بالفعل وأن الأمر لم يعد مجرد فلكلور مسرحي لإلهاء "أهل الخيام".

·       رأيت نوابا للأمين العام، في مكاتبهم، يلعبون أدوارا سياسية، ولديهم برامجهم ومواعيدهم ونقاشاتهم في جو تطبعه الجدية والصرامة والاهتمام، بدلا مما كنا دأبنا عليه من عدم الاكتراث والقهقهات في الأفنية وقاعات الانتظار.

·       رأيت مستشارين يحملون رؤى، ويبحثون عن الأصلح، ويتطلعون لمستقبل سياسي أكثر ازدهارا واستقرارا، فيما كان المستشار، في العهود الفارطة، إسما بلا مسمى أو -في أحسن الحالات-حرف نفي.

·       سمعت في الكواليس بمشاريع ولقاءات وأدوار تُلعب ونشاطات قيم بها وأخرى قيد الإنجاز وأخرى مبرمجة ، وتذكرت، في ذلك الهرج، كم كان حزبنا الحاكم ألعوبة-أضحوكة في ما مضى.

·       وجدت في مقر الحزب من يثمنون حضوره على المستوى النخبوي والفكري، فيناقشون ما قدم في ورشة تحت عنوان "تموقع موريتانيا في شبه المنطقة"، ويستشفون مما قدم في ورشة تحت عنوان "الوحدة الوطنية والآفاق الاقتصادية والجيوستراتيجية"، وآخرون يتنبؤون له بمستقبل زاهر بعد مشاركته في "لقاء تفاعلي مع مجموعة من أحزاب العالم"، وأخريات يتحدثن عن ندوة فكرية نظمها الحزب تحت عنوان "مكانة المرأة في البرنامج الاقتصادي لرئيس الجمهورية"، إلخ، إلخ.

مهما يكن، فإن المحصلة المترتبة، اليوم، عن زيارة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تكمن في أنه يعيش، بمجهود وجدية رئيسه الجديد، سيدي محمد ولد الطالب أعمر، نقلة نوعية، وأنه أصبح ذراعا حقيقية للنظام القائم، وأنه عرّج أخيرا نحو السكة الصحيحة التي يمكنها أن توصله إلى أهدافه السياسية وتبعده من العبث والعنتريات والمسرحيات الخداعة. لقد بدا لي أنه أضحى يلعب الدور المنوط به كحزب حاكم يُفترض فيه أن يكون في المقدمة، وأن يساعد في بناء الثقافة السياسية، وأن يسوق الجماهير، بالإستراتيجيات الواقعية المقنعة، إلى مواكبة ومساندة سياسات رئيس الجمهورية، والتغييرات الجارية على مستوى المنظومة الاقتصادية، والتهدئة السياسية الشاملة، وعملية البناء الوطني الملح.  

 

إسماعيل الرباني \ المدير الناشر لوكالة الوئام الوطني للأنباء 

اثنين, 26/10/2020 - 21:44